مجموعة قصصية ممتعة للغاية. تضم قصصا قصيرة منتقاة لأدباء كبار أمثال تشيخوف وموباسان وتولستوي وأوسكار وايلد وكافكا وغيرهم.
شخصيا لا أميل للقصص القصيرة لكونها أصعب في جذب الانتباه؛ فهي تبدأ بسرعة وتنتهي بسرعة فلا أجد فرصة للتعرف على الشخصيات والاندماج معهم والتفاعل مع الأحداث واستخلاص الأفكار الرئيسة التي تدور حولها القصة كما يحدث مع الروايات الأطول.
لكن القصصي البارع وحده من يمكنه تجاوز كل هذه العقبات التي تحول دون نجاح القصة فيستطيع في كلمات منتقاة بعناية وتوجيه محكم للأحداث إصابة الهدف فيجد القارئ نفسه غاص في القصة مع أول سطور فيها وبعد نهايتها لا يستطيع التحول عنها لغيرها دون تأمل وتفكر في مغزاها.
قصص هذه المجموعة تندرج تحت هذا الوصف. قصص لطيفة للغاية مناسبة بعد كتاب دسم ملئ بأحداث ثقال ومستفز للمشاعر؛ فتأتي المجموعة لتهدئ العقل الثائر والقلب المثقل وتدخله واحة غناء من الأفكار التي تحفز الذهن دون أن تنهكه؛ واللغة العذبة السلسة لهدى النمر التي تطرب الوجدان. عشت معها لمدة ٢٤ ساعة وكم كنت أتمنى أن يطول الكتاب ويتسع للمزيد.
كل القصص كان لها هدف ووراءها مغزى. بعضها واضح والبعض الآخر يحتاج لإعمال الفكر قليلا. فيها المضحك وفيها الذي يبعث على الشجن. وقد أدى هذا التنوع إلى إبعاد شبح الملل عني أثناء القراءة والقفز من قصة لأخرى كالنحلة تدور من زهرة لأخرى. قد أبدو مبالغة بعض الشئ لكن أصبح حاليا من النادر أن أجد كتابا يجذبني لهذا الحد ويمتعني بلا منغصات تحد من المتعة؛ لذا فيجب حين أجده أن أمنحه بعض من المدح الذي يستحق.