الجولة الأولى من مؤتمر الرياح
تأليف
محمود عبدالغني
(تأليف)
كنتُ أظنّ أن الناس حين يموتون يتحولون إلى شيءٍ ما. هذا ظنٌّ بشريّ قديم، نقله إلينا، فيما بعد، العديدُ من الشعراء والحكماء. ورغم أن هذا الأمر قديم، فإنّ القرون لم تستطع العبث به. ورغم أن لا أحد استطاع إثبات ذلك، إلا أنه ظلّ يحمل نفعاً هائلاً. وظلت القرون تنقله دون تعب. مثلاً، قال الشاعر الأميركي والت ويتمان إنّ الموتى يتحوّلون إلى عشب. حفظَ الناس هذه الأبيات عن ظهر قلب، لكنّ روائياً أميركياً اسمُه مايكل كننغهام، وهو من عشّاق ويتمان، كتب في روايته “مذكّرات شخص” أنّ العشب لا يوجد حيث دُفنت شخصيةُ الرواية “سيمون”. أين العُشب إذن؟ القبور في كل مكان، لكن لا أحد رأى الموتى يتحوّلون إلى شيءٍ آخر. يبقى أهاليهم ينتظرون عودتهم في كلّ لحظة، كأنّهم شهداء. وهناك مَن ظلّوا يشعرون أنّ الموتى معهم، لم يفارقوهم لحظةً واحدة، بل فقط أصبحوا لا مرئيين. هذا هو الموتُ إنْ أرَدنا الاختصار والحديث بعمق وإيمان.