"قرر في يوم ما الانتحار، لكنه حين فتح الخزانة ليخرج مسدسه، التقط كتابًا وقع على الأرض وجلس ليقرأه. كان عملاً ظريفاً، وقرأه كاملاً، وأمتعه إلى درجة إنهائه فاقداً الرغبة في الانتحار."
كتاب "مكتبة شكسبير الباريسية" عبارة عن سيرة مكتبة وصاحبتها "سيلفيا بيتش" الأمريكية التي ذهبت إلى فرنسا لتفتح مكتبة، لتُصبح واحدة من أهم المكتبات ذائعة الصيت والأهمية ليس في فرنسا فقط، ولكن في العالم أجمع، ولكن، إنجاز بهذا الحجم لم يأتي بهذه السهولة، أليس كذلك؟
بكل تأكيد فعندما ترجع إلى زمن افتتاح المكتبة، وما واجهته من صعوبات -أدعي أن ما ذُكر في الكتاب نسبة بسيطة منها- ومخاطر وعواقب، يُمكنك حينها أن تُقدر "سيلفيا بيتش" بشكل أكبر، فهي حققت حلم أغلب القراء في العالم، وهو حلم طالما يُدغدغنا ويظل في مخيلتنا وعقلنا طوال حياتنا، فبالنسبة لك كقارئ، هل يوجد أجمل من العمل وسط الكتب؟ تشهد على عملية نشرها؟ أن تكون محاطاً بهذا الكم الهائل من تفاصيل الكتب والكتابة والعملية الإبداعية، ولكن، الحلم وحده فقط ليس بكاف.
فنحن نرى السعي الهائل لـ"سيلفيا بيتش" لنشر عدة كتب، مؤمنة حقاً بها، بل وأدعي أيضاً أن مجرد نشرها كان مخاطرة هائلة، فعندما تسمع اسم "يوليسيس" في الوقت الحالي، نعرف قدرها ومدى اتساع قاعدة قراءها، ولكن، في ذلك الوقت، من كان ليؤمن بمثل هذه الرواية؟ بحجمها الكبير؟ ببذاءتها التي نبذها العصر وقتها؟ من كان ليؤمن بـ"جيمس جويس" إلا قارئ شغوف، قبل أن يكون ناشراً، وهذا ما كان، فمن وجهة نظري، لا بد قبل أن تكون ناشراً، أن تكون قارئاً، فحينها نضمن أن عملية النشر لن تُصبح مثل تجارة الأعمال، ولكن هذا أيضاً حلم وردي، فمع متطلبات العصر الحديث، تجد نفسك أمام صعوبات ومتطلبات هائلة، فتتجه أغلب دور النشر إلى الموازنة، بين ما يؤمنون به فعلاً، وبين ما يتطلبه السوق وقراءه، ولكن هذه حكاية أخرى، فدعنا نتأمل قصة القارئة الأمريكية الشغوفة "سيلفيا بيتش" ونعدها تذكرة دائمة لكل أضلاع عملية الكتابة والقراءة والنشر.
ختاماً..
سيرة ممتعة، مليئة بالتفاصيل الدقيقة الخاصة بالنشر والقراءة والكتب، أحببت أغلب حكاياتها، وبالأخص التأثر الكبير بجيمس جويس وعمله الأشهر "يوليسيس"، وأظن أن احتلال حكاية هذا العمل لأغلب سيرة المكتبة، يوضح أهميته ودوره في نشأة المكتبة، فلولا وجود الطرفين معاً، لما رأينا واحدة من أشهر المكتبات في العالم، وواحدة من أكثر الروايات قراءة، كتاب ممتع ولطيف، وبكل تأكيد يُنصح به.
3.5/5