إنَّ العلمَ، حاطكَ الله، يُرادُ للعمل، كَمَا أنَّ العملَ يُرادُ للنَّجاةِ، فإذا كان العملُ قاصرًا عن العلم، كان كَلًّا(554) على العالمِ، وأنا أعوذُ بالله من عِلمٍ عادَ كَلًّا، وأورثَ ذُلًّا، وصارَ في رقبة صاحبه غُلًّا(555)، وهذا ضربٌ من الاحتجاج مخلوطٌ
رسائل أبي حيان التوحيدي
نبذة عن الكتاب
وفي هذا القرن- الذي يُعَد بحق أزهى عصور الإسلام حضارةً وثقافةً- أصبح للرسائل الأدبية بخاصة، القدح المعلى على سائر الأجناس الأدبية الأخرى، بما هيأ لها جهابذة الكتاب من لمسات فنية ساحرة، تجلت في رقة الألفاظ وتناغمها وائتلافها في تراكيب لغوية رصينة، تتفتق فيها أكمام المعاني الجديدة، وتزهو بين سطورها أدق المعاني والأفكار، وتُصوَّر من خلال كلماتها أرق المشاعر الإنسانية، وتتجسد النوازع الوجدانية على اختلافها بكل عمق ووضوح. حتى صارت الكتابة كما يذكر القلقشندي في (صبح الأعشى): أشرف مناصب الدنيا بعد الخلافة؛ إليها ينتهي الفضل، وعندها تقف الرغبة. ومن أجل ما سبق نقدم هذه المجموعة المختارة من رسائل الأديب الفَذِّ أبي حيان التوحيدي، أديبِ الفَلاسِفةِ وفيلسُوفِ الأُدباءِ، يتناول فيها مجموعة من القضايا الأدبية واللغوية والفلسفية والاجتماعية التي كانت تشغله حينها، وكانت محل نقاش بينه وبين معاصريه من العلماء والأدباء والوزراء والكبراء في وقته في المجالس الأدبية والندوات الفكرية. وقد تردد التوحيدي على مجالس وزراء كثيرين من أمثال المهلبي، وابن العميد، والصاحب بن عبَّاد، وابن سعدان، فكان رسول الثقافة الرفيعة والفكر الممتاز في كل منتدى من هذه المنتديات. تناولت هذه الرسائل أيضًا بعض المسائل التي تبدو شخصية بالنسبة لأبي حيان ولكنها قضية عامة تمس حياة الأدباء وما يعانيه بعضهم من بؤس وفقر وتضييق عليهم في الرزق، وعدم بلوغهم لما يأملوه من طموح وجاه ورغد في في العيش بالقدر الذي يوازي عبقريتهم وقدراتهم التي يرونها في أنفسهم، تلك القدرات التي لا يجنون ثمارها في حياتهم، بل يلقون التقدير بعد مماتهم وانقطاع أعمالهم.عن الطبعة
- نشر سنة 2020
- 256 صفحة
- [ردمك 13] 9789777652209
- آفاق للنشر والتوزيع
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب
190 مشاركة