أصبحنا في عالم ملئ بالتشوهات والسيل العارم لكل الأفكار والسُبل المُتضادة والغير واضحة ، نعيش جميعاً في حالة من التيه ، تتفاوت نسبة هذا التيه التي لا نعرف مقدارها ، لكن لا يختلف اثنان منا علي وقوعنا في متاهة العالم المفتوح.
من مِنّا لا تراودة الأسئلة ؟ حتي أنها لتكاد تُصيبة بالإعياء من كثرة التفكير والبحث ، ندور في فلك الحياة لكن لكل مِنّا فلك خالص وعالم مُختلف في رأسه ، يدور حوله العقل علي أمل أن الحصول علي إجابة أو فلسفة لماهية أو حقيقة كل هذه التفاصيل الخاصة بالحياة.
موعد مع فيلسوف كتاب أم رواية ؟.
في الحقيقة هو سؤال لا يُهم إطلاقاً ، المهم أننا عثرنا أخيراً علي من يحاول الإجابة عن أسئلة ، من يعطينا الحكمة التي تكمن خلفها الأشياء بشكل مُباشر وإن كان في مواقف لم يقطع بصحة هذا الفعل أو سلامة هذا الرأي ، لكنه يُبقي عقلك مفتوحاً علي مساحات شاسعة من براح الكون.
الرحلات في المُعتاد تكون مُملة طالت أم قصرت ، لكن الكاتب سطّر كل شئ بحرفية رائعة وأسلوب مميز ، بداية من طريقة السفر وأجواء الرحلة ، تفاصيل الرجل وهيئتة ، رُفقة الغربة التي فتحت الحديث عن فلسفة البشر في التعامل مع الغرباء ، الطريقة التي يتحدث بها المُفكر سواء كان هذا الحديث مع نفسه في عقلة أم مع رُفقتة ، أجواء ساحرة مُناسبة تماماً لأطروحات الكتابة ومُتماشية تماماً مع طريقة كتابتة.
كانت موضوعات الكتاب تُسلم بعضها بعضاً أثناء الحديث ، الأمر حدث بسلاسة كبيرة ، فلسفة البداية ، الطريق ، السفر ، الحُب ، التطور ، والجُزئية الكُبري والأهم بالنسبة لي هي الوصول لطريقة في غاية البساطة يعرض من خلالها الكاتب ماهية القضاء والقدر ويضرب الأمثلة ليُزيح عن القارئ ضبابية السؤال الأزلي القائم منذ زمن بعيد حتي وقتنا الحالي وهو هل الإنسان مُسير أم مُخيّر؟.
يبقي هذا الكتاب من أهمّ الكُتب التي قرأتها حتي الآن لأننا في حاجة ماسّة لمثل هكذا أُطروحات نحتاجها بشدة في وقتنا الحاضر ، ميزة أُخري لهذا الكتاب أنه معروض بطريقة مُناسبة جداً و بعيدة كل البعد عن الأكاديمية الصارمة التي تستعصي علي القراء ولا تستهويهم.