"في كاف الجنون رأينا أطماعنا تتشكل أمام أعيننا حية، تحدثنا ونتحدث معها.
يُسحر من يدخل هذا المُلك القابع أعلى مملكة الحجارة الإسطورية (كاف الجنون)"
أحب قراءة الروايات التي تضيف لي، أخرج منها بمعلومات جديدة علي وياحبذا لو ذات فكرة وحبكة وأسلوب مرتبين.
وهذا ما وجدته في رواية "أكاكوس" للكاتبة هبة زايد ، فبعد أن احترفت كتابة الرعب وتميزت فيه، نقلتنا لصنف آخر مختلف تمامًا مغامرة يشوبها غموض وإثارة ولمسة رعب طفيفة (صنفها المفضل).
لم تكتفِ الكاتبة بهذا بل أضافت معلومات غير متداولة أو منتشرة جمعتها بعد بحث بشأن أساس التحنيط، لتفاجنأ أن هناك أبحاث قائمة بالفعل حول أسبقية الليبيون المصريون القدماء في التحنيط.
وكانت للجغرافية الليبية نصيب الأسد في الرواية وصفتها كأنها ولدت بها لا شاهدتها من مجرد صور وقراءة كتب، وهذا يدل على تعمق بحثها وحرصها على وصف كل مكان بدقة يحتار فيه من يعيش هناك، داعمة فصولها بأقوال ولمحات عن المجاهد العبقري عمر المختار رحمه الله، الخلاصة صنعت تشكيلة متناغمة بين ماضي وحاضر ومستقبل، مغامرة وتاريخ وأساطير وظفت كل منهم لتخرج لنا "أكاكوس" عروس ليبية رسمت بيد كاتبة مصرية.
العنوان والفكرة: تحدثنا كثيرًا عن الفكرة وكيف وظفت بشكل مثالي، أما العنوان فجذبني منذ الوهلة الأولى، ليس ضمن الأسماء الغير مفهومة المنتشرة والتي أصبحت سمة أغلب المؤلفات حاليا، بل هو على اسم العنصر الأساسي في الرواية الأسطورة الليبية.
اللغة والسرد: جاءت اللغة متوسطة تحاكي السهل الممتنع في حين جاء السرد ليخدمها رغم بعض النتوءات الطفيفة التي أراها تحتاج إلى تعديل فيه ولكنها لا تؤثر على جودته، كان سلس صفحة تجذبك للأخرى دون أن تشعر لا يوجد فيه تعقيدات تجعلك تفصل تركيزك وتطفيء خيالك لكي تفهمها أو تعيد صفحة بسبب ضعف سردها.
الشخصيات والحبكة: للحق يقال نادرًا ما أرى شخصيات متباينة إلى هذا الحد في المؤلفات، وهذه حرفية من الكاتبة، أما الحبكة جاءت مضبوطة إلا من فجوات صغيرة لم تخطأ فيهم الكاتبة بل لم توضحهم أو تستفيض فيهم إلى الحد المطلوب.
لفتات:
في نظرى أبدعت الكاتبة وأمتعتنا بهذه الرحلة من تركيا إلى ليبيا سافرنا معها أماكن لم تطئها أقدامنا، فكما يقال خطفت أذهاننا طوال فترة تنقلنا من صفحة لأخرى حتى الختام، والذي سعدنا به أيضا لأنها كشفت عن رحلات أخرى تحت عباءة هذه السلسلة، ولكن أحب أن أفصح عن لافتة البعض ينتهجها ولكني أراها عيبا في المؤلَّف وهو طغيان السرد على الحوار ولو بالقدر الضئيل، فالحوار هو المؤلف والقصة والحدث، أما السرد هو الوصف والمشاعر التي تمثل لك أجواء الرواية لتعيشها كما يريد لك الكاتب أن تعيشها، فكل له وظفيته ولا يجب ضغيان أحدهما على الآخر.
وختامًا:
لم أندم على قراءتها وسأظل متشوقة لكل جديد لكِ، ربي يبارك فيكِ وفي قلمك ولا يخمد إبداعك أبدًا، في انتظار باقي أجزاء السلسة لقد تحمست لها كثيرا فإذا كانت هذه البداية فكيف بباقي الرحلات؟
ملحوظة:
منذ أول صفحة قمتِ بكتابتها من سنين وأنا تنبأت لكِ بمستقبل كاتبة متميزة، وكل مؤلف لكِ تؤكدي لي ذلك 🥰
#مراجعات
#هبة_زايد
#أكاكوس
#آية_يوسف