الفيلق المصري _جريمة اختطاف نصف مليون مصري من التاريخ المذهل للحرب العالمية الأولي
الوجه الثاني لثورة 1919
يا عزيز عيني و أنا بدي أروح بلدي ، بلدي ، بلدي ..
و السلطة خدت ولدي
****
هذه الأغنية كتب كلماته محمد يونس القاضي و قام بتلحينها و غنائها سيد درويش عند بحثي عن الأغنية بعد قراءة كلماتها في كتاب الفيلق المصري و جدتها في فيلم "سيد درويش"عام 1966في مشهد يقوم بيه الخفير بسحب الفلاح الشاب و ضربه بالكرباج الذي يحمله و قالت امه يا عزيز عيني ثم انطلق سيد درويش بغناء يا عزيز عيني بصوت يحمل شجن حزين
يحمل الكتاب بين طيات صفحاته ما لم تتحدث عنه الكتب الدراسية أثناء تدريسها لنا ثورة 1919 و ما لم اسمع عنه من قبل عن ثورة 1919التي كل ما يحكي عنها يتعلق بسعد زغلول و لكن الكاتب محمد أبو الغار كتب عن الفلاحين و ما حدث معهم منذ 1918من اجبار و ضرب الفلاحين في القري و الصعيد للانضمام إلى الفيلق في أثناء الحرب العالمية الأولي للعمل بالسخرة
و السخرة هي استخدام الإنسان للعمل قسرا و بدون أجر و لكن تم الغاؤها في النصف الثاني من ثمانيننات القرن التاسع عشر مما يعني إن وقتها كان تم إلغاء السخرة و لكن استخدمت مع فلاحين مصر حيث قام عمد القري باجبار الفلاحين و ضربهم بالكرباج و ترحيلهم مع الجيش البريطاني إلى سينا و فلسطين و سوريا و لبنان و العراق و تركيا و فرنسا و بلجيكا و إيطاليا ليقوموا بأعمال شاقة كبناء خط السكك الحديد
تحدث الكتاب أيضا عن رجال ريا و سكينة الذين شاركوا في الفيلق و كيف اثر هذا عليهم فاصبحوا متبلدين المشاعر بعد رجوعهم و كان مرجع الكاتب هو ما تم تأريخه من قبل الكاتب صلاح عيسي
ثم تحدث كيف كان يعامل الفلاحين معاملة قاسية غير أدمية في الواقع و لكن كان يكتب في الجرائد المصرية عكس ذلك تماما بسبب الاشراف البريطاني على الصحف
فكان الفلاحين يحملون اطنان فوق اكتافهم و ذلك في ظروف جوية غير مناسبة لهم فكان يتوفي عدد منهم و يقتل الآخر للترهيب و حتي العدد الذي كان يعمل بأردته في بداية الأمر كان بسبب فقره الشديد الذي كان يصل إلى الجوع وكان التعامل مع الفلاحين معامله عنصرية على أساس اللون و بسبب إن نسبة الأمية كانت كبيرة لم يستطيع الفلاحين تدوين ما كان يحدث معهم من مأساة و جريمة إنسانية
خطابات فينابلز
ذكر الكاتب إن خطابات فينابلز كانت جزء هام و عبر عن حياة الفلاحين في الفيلق التي لم يذكرها أحد في التاريخ و لكن تم توثيقها عن طريق خطابات فينابلز و اشار الكاتب لصعوبة قراءته للخطابات و لكن قام بفك طلاسمها و ترجمتها للعربية و ارفاقها في الكتاب
فيقول في احد خطابته
"ولا تخدعك كلمة معسكر التي استخدمها فالمعسكر عبارة عن نقطة في الصحراء الواسعة حيث ينام العمال المرهقون في العراء ملفوفين ببطاطينهم "
و كانت خطابات فينابلز في الكتاب 6خطابات تحمل في طياتها كيف كان يعامل الفلاحين في الفيلق فكان غذائهم شوربة عدس و عيش غامق و بصل و أحيانا قطعة من اللحم
كما إنه ذكر أن أصبحت صحة العمال سيئة بسبب الشتاء و الكثير اصيب بالضعف و مشاكل في الرئة
و يقول في الكريسماس وعدونا بمأكولات و حلويات ولكن بسبب سوء الجو لم يصل شئ ...
كل ذلك و هم يعملون في إنشاء سكة حديد و تفريغ سفن ف لك إن تتخيل كيف كان حالهم و تلك أمثلة و لكن الكتاب مستفيض بما كان يحدث لهم ..
و ذكر الكاتب في الفصل الخامس من الكتاب إن ثورة 1919لم تكن ثورة واحدة و إنما ثورتان فكانت ثورة الفلاحين من الغضب بسبب ما تلاقه في الفيلق ولم يكن تأثير الفيلق تأثير صحي فقط بل كان تأثير اقتصادي أيضا حيث تسبب تجنيد عدد كبير من الفلاحين إلى بوار الأرض الزراعية بسبب نقص الفلاحين و ارتفعت الأسعار و عم الجوع في الريف المصري
وقدم الكتاب أيضا ملخصا لدراسات هامة عن ثورة الريف منها دراسة راينهادرد شولتز عن تمرد الفلاحين المصريين
و دراسة جولدبرج عن أسباب ثورة الفلاحين التي تقول فيها
"إن ثورة الفلاحين في عام 1919 قد تعود إلى أسباب عدة ؛واحد منها هو إجبار الفلاحين على العمل مع فيلق العمال المصري
"ولكن الفلاحين المصريين كان عندهم خوف من الجوع ، و لذا دمروا السكك الحديد لمنع نقل المحصول "
و كذلك مذكرات قرية .. د. عصمت سيف الدولة
إذا كان ارتباط قيام ثورة 1919 بالفيلق ارتباط وثيق فوفاة الالآف من المصريين و بوار الأراضي و الجوع جمع الفلاحين بجانب أهداف ثورة 1919 فجعل منها ثورة قوية مدفوعة بحرقة شديدة فالموت و الجوع و الخراب دوافع شديدة لا يضاهيها شئ فاجتمع أهل الريف مع أهل المدن التي كان دافعهم للثورة القبض على سعد زغلول فاجتمعوا و خرجوا ليستردوا كرامتهم
من خلال قراءة كتاب الفيلق المصري ستعرف إن الجرائد وقت ذاك لم تكن صادقة ففي عدة مواضع في الكتاب ذكر الكاتب محمد أبو الغار الخبر الصحيح فيقول مثلا
"و استشهد طفل أطلق عليه الرصاص و هو يقول "تحيا الحرية" و شيعه جمهور من مائة ألف و ليس عشر الآف كما ذكرت صحيفة التايمز "
_دور الفن في ثورة 1919
و ذكر أيضا دور الفن في تحفيز الشعب خلال فترة الثورة و خاصة الفن الشعبي و العامية منها
فيذكر أغنية "باردون يا ونجت "
باردون يا ونجت بلدنا غلبت
قتلوا ولادنا نهبوا بلدنا
اخدوا دريسنا اعتقونا ..
هذه الأغنية التي كان ينشدها الثوار في الشوارع لتعبر عن مدي القسوة و القهر و الجوع الذي عاشه الشعب وقت ذاك
و في الفصل السابع للكتاب تناول العنصرية التي كانت تمارس على الفلاحين وقتها
و في الفصل الأخير و الخاتمة بها معلومات هامة كما يوجد ملحق صور بالكتاب به بعض النصب التذكارية للفلاحين و مشاهد لصور الفلاحين أثناء الفيلق
كما ذكر الكاتب إنه يوجد النصب التذكاري للمتوفيين من فيلق العمال المصريين داخل حديقة مستشفي الرمد التذكاري بالجيزة
قام الكاتب بمجهود كبير و كتب عن المسكوت عنه و الذي لم يذكر لنا الا عبر مشاهد لا نعرف مرجع لها و فك طلاسم للخطابات و كتب مراجع كثيرة و متعددة ليكتب لنا كتاب متفرد لهذه الجريمة الإنسانية التي ارتكبت في حق فلاحين مصر راح ضحيتها 50 ألف فلاح اي ما يعادل 10% من فلاحين مصر عمل يحمل بين صفحاته ما يدمي القلب و يرجفه من هذه المعاملة حتي إن هناك فلاحين دفنوا في مقابر جماعية دون ذكر اسمهم بعد قراءة العمل و سماع أغنية سيد درويش ستعرف لماذا ستعلق في وجدانك
يا عزيز عيني و أنا بدي أروح بلدي ، بلدي ، يا بلدي و السلطة خدت ولدي