اقتباسات من رواية قلب من زجاج

كم هو محزنٌ (بدأ الآن يفهم) أن يتعين على الناس أن يكبروا فيفقدوا قلوبهم… كم هو مؤلمٌ ألا يستطيع الكبارُ مخاطبةَ الأشجار وفهمَها.

إنها الطفولة، وعالم الأحلام يتكشف كسحابةٍ جميلةً جداً تجوب أحلامَ السماء.

نعم؛ ستكون مصدر فخري؛ وريثما تصبح بطلاً، عِش حياتك يا بنيّ!

انظر عن كثبٍ يا بنيَّ. انظر كم هي الحياة جميلةٌ، وكذا الشمسُ والضوءُ؛ واحذر أن تنسى مشاهدةَ سعة الأرض التي ستعدو فيها وتتسلى.

هذا وتواردتِ العديدُ من الأشياء الأخرى لذاكرتي، كالريح التي كانت تكدر صفو مياه البركة فتثير موجاً من فوقه موجٌ؛ فكان شعوري بالحنين إلى الوطن كتلك الأمواج…

صغيري… يسميها البشر نجوماً؛ والشعراءُ دموعاً… لكنها في الواقع بقعٌ، تماماً كالتي تغطي جسمك هذا. إنّ النجومَ نمشٌ على جلد الليل… هل فهمتَ؟

استنزفتِ اللحظاتُ القديمةُ مني وقتاً أطولَ في تذكّرها، لكنها بُعثت للحياة مجدداً كما لو كانت تحدث حقيقةً كلما تذكرتُها.

كان ذا عالمَ السفر الذي كنت أتخيله. نعم؛ لقد كان ذا واقعَ أحلامي البائس؛ فها أنا ذا انتقلتُ من سعة الحدود إلى ضِيق القيود.

شيءٌ ما نضج بداخلي حين راحتِ الأشياءُ تكتسب في نظري معنىً حياتياً أقوى، وكانتِ الوحدة أسوأ ما في الأمر كله…

ليس للعزلة شبيهٌ سوى الشيخوخة.

خانتني قوايَ في أن أردَّ على غضب تلك الفئة السكانية التافهة. لعلَّ الاحتقار والصمت مني يكونَا أفضل ردٍّ لي عليهم.

اذكرْ دائماً شيئاً مهماً: البشر… البشر مخلوقاتٌ بلا قلبٍ تُفسد كل شيء.

حسناً، يا فتى. كفى بالزمان معلِّماً؛ واعلمْ ألّا ما يعدل خبرةَ الشيوخ

إنْ أنا إلا شابٌّ يريد السفر واكتشافَ عوالمَ جديدةٍ. ألا ترين كم أنا جميلٌ؟ تأمّلي في أمري ملياً؛ فأنا لم أولد لأعيش في قاع بركةٍ مبتذلةٍ.

كفاك أحلاماً أيها الفتى. تخلصْ من هاجسك وتفكيرك السرمدي في السفر، واختبئ إذا ما رأيتَ من يحملون شباكهم بحثاً عنك؛ فلا شيءَ يضاهي حريتك التي بين يديك. إن لك ها هنا صَحباً ووداً، وهذا هو الأهم.

اسمع، يا بني، لن ينفعك الحزن في شيءٍ؛

قريباً ستغني، وبالغناء تغدو الحياة جميلةً حتى داخل القفص.

ضمنتْ لي أمي أني سأغني عندما أكبر، وزعمت كذلك أنّ على الطائر الصغير أن يعاني عسرَ هضمٍ جميلٍ قبل ذلك، حتى ينضح فيما بعد بأثر هذا الجمال في أدنى أنغام شدوه.

الحكاية الثانية

‫حوض الأسماك

‫ وبات صوته رقيقاً عذباً حينما مدَّ لي يدَه وأخرجني.

‫ - ماذا حل بك يا حيواني الأليف؟ لقد كنت لطيفاً جداً، رقيقاً جداً، وسعيداً جداً؟ هذا مؤلمٌ، أليس كذلك؟

‫ وداعبَ برفقٍ ريشَ رأسي.