النصوص لا تولد من العدم، وكل نص ادبي يستدعي في حقيقة الأمر بوعي أو على مستوى اللاوعي شبكة من النصوص الأخرى، تتداخل، تتشابك، و تمتزج لتكون نصا جديدا.
ما السرقة الأدبية و ما حدودها؟ وماذا عن الانتحال؟
وما هو الحد الفاصل بين التأثر بنص ما و ما بين سرقته؟ لا أتحدث ها هنا عن السرقات الرعناء الحرفية، التي ينقل صاحبها النص فاصلة بفاصلة، وكلمة بكلمة، و نقطة لنقطة.
بل اتحدث عن نصوص تحاول محاكاة نص اخر، سواء على مستوى الفكرة، أو القالب العام؟
وهل صحيح ما قاله الإمام الجرجاني حول ان المعاني( الافكار) مطروحة في الطرقات يعرفها الرائح و الغادي، وان مناط الأمر معقود على نظمها و سبكها؟ أي صباغتها.
هناك أفكار أصيلة، ابنة التجربة المعاشة ، والادب ابن الذاتية. و تتحلى هذه الذاتية بلغة الكاتب التي هي علامة مميزة لكتاباته، و اسلوبة، و افكاره و موضوعاته.
حتى وان تقاطعت الموضوعات و التراكيب و الهيكل العام للرواية مع روايات اخرى، الا انه يجب ان يكون هناك لمسة خاصة بالكاتب تتيح لنا القول ان هذه الرواية هي مولودته الشرعية، وفيها جيناته الادبية.
هذه القضايا حاول الكاتب في روايتنا هذه طرحها بأسلوب لا بخلو من السخرية و النقد اللاذع للأوساط الأدبية و الحركة النقدية، و الجوائز الادبية التي تظهر مدى هشاشة و فساد الأسس التي توزع على اساسها تلك الجوائز.
بطل الرواية كاتب تعود على انتحال النصوص الادبية و سرقتها، وفاز بأعظم جائزة أدبية في المكسيك. واتهم بقتل كاتب واعد، كشف سرقاته الأدبية، وعزا البعض سبب الجريمة بسبب الغيرة، بعد ان اكتشف الكاتب المنتحل ان زوجته على علاقة بالكاتب الذي فضحه.
للمفارقة، فإن النص الأدبي الأصيل الذي كتبه الكاتب المنتحل ولم يسرقه من غيره، هو هذا النص الذي يعترف فيه بتفاصيل جريمته.
وكأنه يشير الى فكرة ان الاصالة الادبية تتطلب من الكاتب ان بكتب عن واقعه، فالواقع فيه قصص أغرب من الخيال، وألا ينفصل عما يدور من حوله.
اقتباسات من الرواية:
❞ ربما لا يقترح الأدب شيئًا جديدًا، وفي العمق لا يتلقَّى أيّ مقابل مهني غير الانتحال. ففي تاريخ كل الآداب، نجد جيشًا من المكرّرين مقابل كلِّ عددٍ قليلٍ من المبدعين الحقيقيين. وتاريخ الأدب، في عمقه، ليس سوى تاريخ سلسلة من الكَتَبة الذين يحاولون تقليد ما أحبُّوه في مؤلفين آخرين، الاستعارات الأساسية، الحبكات التي لا محيد عنها، العواطف المزدوجة التي اكتشفها وقام بتشفيرها بعض العباقرة، الناطقون الحقيقيون بعبقرية اللغة، التي هي في الأساس لا تنتمي لأحد بل تعيش وتنتشر من تلقاء نفسها يمكن النظر إلى تاريخ الأدب بأكمله على أنه طِرْسٌ ضخم قال فيه ثلة من المؤلفين كل شيء، والبقية مجرد نُسَّاخ، إما بُلْه أو أذكياء.
بعد إمعان النظر، نجد أن المؤلفين ليسوا سوى مزيج من المؤلفين، أي منتحلين خجولين أو غير واعين لما قرؤوه وظل عالقًا بأذهانهم، وأحيانًا دون أن يدركوا جيدًا تلك الآثار. ❝
❞ ستقولون إن لهذه الرواية نهاية لا تليق بها، لكن هذا لا يمس حقائقها الأساسية، لأن النهاية التي أقدّمها الآن ليست اختراعًا. ليس كذلك، على الأقل، بالمعنى التافه لدى العديد من المؤلفين الذين يؤكدون أن الخيال وحده هو الذي يمكن أن أن يصل إلى الواقع. فيما يتعلق بالحبكات، فإن الواقع، بالطبع، يتجاوز الخيال بكثير، حتى ولو لم يكن ذلك إلا بالإفراط في تخييله. إن أيْسر حبكة من الواقع تعد صعبة المنال أمام كاتب الخيال الأكثر هذيانًا. ❝
اقرأ الكتاب على @abjjad عبر الرابط:
****
#أبجد
#سرقة_أدبية