الرواية : توبة نبي العميان
المؤلف: عمر عويس
دار النشر: دار المصري للنشر والتوزيع
رواية "توبة نبي العميان" للكاتب عمر عويس تأخذ القارئ في رحلة فريدة تجمع بين عوالم متشابكة وأحداث متداخلة، مما يجعلها عملاً أدبيًا مليئًا بالتأملات والقضايا العميقة.
منذ اللحظة الأولى، يجذبك العنوان "توبة نبي العميان" بما يحمله من غموض ودعوة لاستكشاف ما وراء الكلمات. ومع دخولنا إلى عالم الرواية، نجد أنفسنا في "عزبة الغجر"، حيث تتنقل الأحداث بين حياة الغجر الصاخبة وحكاياتهم المثيرة، وبين عوالم فلسفية وأسطورية متمثلة في "عالم الأبدال".
الرواية تمزج بين الواقعية الشديدة والفانتازيا، مقدمةً قصصًا متشابكة لشخصيات متنوعة مثل توبة، معوض السنيورا، الظني، والغضبان، بالإضافة إلى خديجة وسامح العربيد في القاهرة. الكاتب برع في خلق بيئة متكاملة لعالم الغجر، بكل تفاصيله الدقيقة وحياة أبطاله التي تبرز الصراعات الإنسانية وتفاصيل المجتمعات المهمشة.
عمر عويس أظهر قدرته على تطويع اللغة العربية، مبدعًا في السرد والوصف، مما جعل القارئ يشعر وكأنه يعايش تلك العوالم بحواسه كافة. ورغم تعدد الخطوط السردية وتشابكها، نجح الكاتب في الحفاظ على خيط درامي يربط بين الأحداث والشخصيات، حيث نجد حكاية توبة التي تحمل الكثير من النقاء والبراءة وسط عالم مليء بالموبقات والفساد.
أجمل ما في الرواية هو قدرتها على خلق حالة من التساؤل والدهشة. بين واقع الغجر الصاخب وقضايا فلسفية تتعلق بالاختبار والصراع بين الخير والشر، نجد أنفسنا أمام عمل يتحدى القارئ ويثير تفكيره.
النهاية، وإن بدت مربكة للبعض، تعكس عمق الفكرة الفلسفية التي أراد الكاتب إيصالها، متمثلة في ضياع الإنسان وصراعه لفهم سبب وجوده في هذه الحياة. الرواية تتطلب قارئًا واعيًا، يُقدر التفاصيل ويستمتع بالغوص في الأفكار.
بإيجاز، "توبة نبي العميان" ليست مجرد رواية للترفيه، بل هي تجربة أدبية تعيد تعريف علاقتنا بالحياة والإنسانية، وتؤكد أن عمر عويس كاتب يمتلك رؤية مختلفة وشجاعة في طرح الأفكار التي تتجاوز المألوف.
اقتباسات حلوة :
القليل فقط والذين بَرِئُوا من الــ«أي شيء» صاروا عشّاقًا حقيقيين، أمّا هو، علي منير مظلوم، فكان الـ«أي شيء» متجسِّدًا لله حِكمة في ندرة الحب وانتشار الـ«أي شيء»، ربما كانت في دفع الناس بعضهم بعضًا لصُنع الحدث. نعود إلى علي، الذي كان يطوف الأرض مشارقها و مغاربها باحثًا عن توبة
الطمأنينة مهمّة جدًّا للحُبّ، لكنها ليست كل شيء، هناك المرح، الكلام المعسول، المال، إلخ، الكثير من العناصر تتحكم في قوة الحب، لكن الغريب أن كل ما سبق لا يضمن استمراريته، ربما كان الحديث القائل بأن الأرواح جنود مجندة .