"أنا أعمل في الصليب الأحمر منذ أكثر من خمسين عاما، وحضرت حروبا اهلية في جميع أنحاء العالم، ولم أر مثل هذه الحرب في بشاعتها ، وقسوتها، وضراوتها، ولا أخلاقياتها ... "
هذا الكتاب .. المذكرات .. الشهادة للتاريخ .. كتبها الدكتور المصري المناضل يسرى هاشم .. الذي يفخر بأنه لم يتقاض اي اتعاب من مريض قط .. غني او فقير لمدة 55 عاما ايمانا منه ان الخدمة الصحية حق من حقوق الانسان.
كتاب يروي فصولا ملحمية عن ابطال عرب .. مصريين وفلسطينيين وأردنيين وعراقيين وغيرهم ... " سترى الجراح المصري وزميلة ورفيق كفاحه المناضل العظيم محجوب عمر، والممرضة العراقية والمتطوع الفلسطيني ومساعد الطبيب الاردني يتعاونون من اجل تخفيف الام مصاب سوري أو دفن جثمان شهيد لبناني"
صور وشهادات واحداث حدثت مع المؤلف في قواعد الثوار وبين صفوفهم واثناء مذبحة ايلول والقصف الوحشي للمستشفيات وخاصة مستشفى الأشرفية حيث كان يعمل خلال الحرب واصفا قصف المناطق السكنية والضحايا الابرياء من المدنيين ... وما تلاه بعد ذلك من مجازر جرش وعجلون والتي أخرجت الفدائيين نهائيا من الأردن.
وصف الدكتور يسرى لقاءه بأبوعمار لاجراء بعض الفحوصات في شقته بالدور الاول في بناية عادية، شقة "فقيرة الأثاث بشكل واضح .......... قادني ابو عمار الى غرفته فوجدت سريرا سفري (وهو فراش بدائي جدا يستخدم في القوات المسلحة)........... فطلبت منه ان افحصه فأقسم الا افعل الا بعد ان يقدم لي واجب الضيافة.... دخلت وراءه الى المطبخ فوجدته مطبخا بدائيا جدا، وبدأ الرجل (ابوعمار) يشعل وابور الجاز ليصنع لنا الشاي......... طول وجودي في منزله المتواضع ذلك ظللت افكر فيما كان يشاع عن الفنادق الفاخرة والأثاث المستورد، بينما كان القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية يرفض حتى مجرد ان يبقى معه شابا لخدمته! "
قدم للكتاب الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتبة الاسكندرية ، وكتب صفحة الغلاف الاخيرة الأديب الكبير اشرف العشماوي
وثيقة للتاريخ وللأجيال القادمة التي من حقها ان تعرف ماذا جرى ولماذا .. بلسان من شهد الأحداث.