اقتباسات من رواية فوق جسر الجمهورية

نولد ونعيش ونموت في صحبة الألم. نتسابق نحو نهاياتنا دون أن نفكر بغباء الثواني التي لا ننتبه لرغباتنا. لا فرق في حياتنا بين عبور جسر الجمهورية أو عبور جسر الشهيق الأخير قبل الموت.

وكيف تحولت إلى أشباح من الصور المترامية في الخيال والحلم والذكرى.

رأيته بلون الدخان. كل شيء يصعد خطوطاً متداخلة مثل الأوتار التي رسمها لي أبي وهو يفسر نظرية الأكوان المتوازية. تصعد الخطوط نحو الغيوم وتتشابك وتصير كوناً واحداً هشاً. تعود داليا وتجلس وراء الكومبيوتر، تكتب لي:

حدث الانفجار الكوني وتناثرنا.

ذلك الحزن الضروري للإحساس بوجودنا. الحزن الذي يجعلنا ننميه بداخلنا ونشعر معه أننا خفيفان في هذا العالم. الذي تدافع عنه مشاعرنا من أجل أن يستمر ساعات إضافية.

ولدتا من رحم الهدوء.

تمرين قاسٍ في تعلم قبول الموت.

يكون الموت موحشاً، لأن الميت، هو مجموعة الأماكن الخالية للناس الذين عرفهم في حياته. كل شيء من حوله، هو فجوة غيابات لا أمل في ردمها.

لا، أنا لم أنس، أنا أمضي في هذه الحياة وأحمل معي كل الأمكنة الخالية، الفراغات العميقة للغياب. مكان جدي الخالي، مكان جدتي الخالي، مكان صديقاتي الخالي، أنا أجزاء مركبة من غياب الذين أحبهم في حياتي.

تلك الهوة يحفرها الغياب كلما طال أمده. فمن يستطيع في هذا الكون أن يشغل مكان أمي الخالي في حياتي؟ من بإمكانه أن يسد سنتمتراً واحداً من الفراغ الذي تركته يكبر في روحي؟ قد تستدرجني الحياة وتأخذني التفاصيل يوماً بعد يوم، وأظن أنني نسيت

الإنسان يحتاج الذين تعود عليهم. شيء ما بداخلنا ينمو مع الوقت هو ألفة الوجوه. نقول لبعضنا «البارحة كان مكانك خالياً».

تنفستها مثلما أشم هواء طفولتنا.

أنا لست أشياء يا ابن الكلب.

‫ حقيقةً، أعجبني كلامها. والآن هل عرفتِ لماذا أصور الساحة فارغة،

لكن صيفك الخالد لن يتلاشى وخريفك لا يزول والعراق حار جاف صيفاً وبارد ممطر شتاء وسيشهد غداً موجة رياح عاتية تهب من منطقة الاستواء محملة بالغيوم.

‫ بعض الأفكار الجميلة تولد من السخافة.

نحن أرواح متصلة نولد من ذكريات بعضنا؟

الذكريات التي تأتي من طفولتنا تكون بصحة جيدة. تبرق في خيالنا قوية ومضيئة وتجرح الحاضر وتحتل مكانه.

أحبّ نفسي حين يهتم بي أحدهم، أتحسس هذا الاهتمام وأسحبه إلى داخل جسدي أتركه يجري في دمي وأتخيل خديّ ورديين وعينيّ تلمعان مثل انعكاس الشمس على صفيحة.

أنا من بغداد مثلاً. فإنني أقولها دون أن أتذكر بيتنا أو بيت جدي أو مدرستي. تبدو بغداد شيئاً مختلفاً في اللغة الجديدة.

تمرّ عطلة الصيف مثل زورق يتوه بين الأعشاب، ثم ينكشف للضوء وهو يمرّ تحت الجسر.