حلم العم
صيد ثمين قادم إلى البلدة. أمير في سن الخرف و على مشارف الموت و فوق ذلك كله لديه ثروة طائلة و لديه نهم بالنساء منذ نعومة أظفاره. تحاول كل نسوة المدينة قنصه قبل أن يقنصه غيرهم.
رغم كل شيء أعود فأقول: أن الله وحده هو الذي ألهمك أن تجيء به إلى منزلي. انني أرتجف حين أتصور ما كان من الممكن أن يحدث له. أن يحدث للأمير المسكين. لو مضى إلى مكان آخر غير منزلي. نعم. لو وقع في منزل غير منزلي لكان يمكن أن يجرد و أن يقطع و أن يلتهم التهاما. لو وقع في منزل غير منزلي لارتموا عليه ارتمائهم على منجم. ارتمائهم على أرض من ذهب. انك لا تستطيع أن تصدق ما يتصف به أهل هذه المدينة من شراهة و دناءة و حطة يا بافل ألكسندروفتش. إنهم لا يتورعون عن شيء.
رغم أن زينا فتاة مرهفة الأحاسيس. عاشقة رومانسية حالمة تربت على المثل و المبادئ العليا. إلا أن أمها ذات الشخصية القوية الوصولية الميكيافيلية تستطيع كبح مشاعرها و السيطرة عليها و دفعها إلى القمة و المجد و الثروة و إن على حساب السمعة و الشرف و إن كان بالمكائد و الفضائح.
لنسم الأمور بأسمائها. و لنصفها كما هي. أقبل الأمير. أضحك عليه. أنهبه. أعول على موته لأتزوج بعد ذلك عشيقي. هذا حساب ذكي محكم حتى النهاية! إنك تريدين أن تغريني بهذه العروض. أنا أفهم كل شيء يا أمي. كل شيء تماما. إنك لا تستطيعين إلا أن تظهري عواطف نبيلة حتى في قضية حقيرة دنيئة. لقد كان أولى بك أن تقولي لي رأسا: زينا. هذا عمل دنيء. و لكن فيه ربح فيجب أن تعمليه. لو قلت ذلك يا أمي. لكانت لك ميزة الصراحة على الأقل.
و لأن المدينة من الصغر بحيث كان كل فرد فيها يقع مباشرة تحت مجهر الآخر فإن الأحداث تتداعى بصورة دوستويفيسكية للغاية حتى تصل إلى ذروة النهاية كاشفة عن كل عيوب و تناقضات المجتمع التي يريد العبقري فيسكي الكشف عنها بطريقة الصدمة مع متعة القراءة في آن واحد.
ان كل واحد من سكان الأقاليم يعيش تحت كرة من زجاج إن صح التعبير. فيستحيل عليه اطلاقا أن يخفي أي شيء عن مواطنيه المحترمين. كل فرد من الأفراد يعرفك هناك عن ظهر قلب. يعرف عنك حتى ما تجهله أنت عن نفسك. لذلك فإن ساكن الأقاليم عالم من علماء النفس بطبيعته. عارف من العارفين المرهفين بالقلب الإنساني فطرة و غريزة.
الطريف أنه انهى الرواية في نفس يوم مولدي و لكن قبل ذلك ب 118 سنة فقط 😀