يوميات قراءتي لكتاب القائد العزيز لجانغ جين سونغ
ـ أحسن الكاتب في اختيار الفصل الذي بدأ به كتابه فقد انتقى ـ فيما يبدو لي ـ أشد الفصول إثارة، وأكثرها قدرة على تصوير الأسباب التي حملت الكاتب على الهرب من بلاده، ولو بدأ بغيره لربما بقي القارئ يطرح ذات الأسئلة التي أجاب عنها المؤلف في هذا الفصل الرائع والشيق.
ـ زار الكاتب قريته وقضى ليلته باكياً من هول شظف العيش الذي وجد أبناء قريته يتقلبون فيه والذي قضى على جزء منهم وترك آخرين هياكل عظيمة تنتظر الموت، لكنه حين قرر فجأة الهرب من كوريا الشمالية إلى الصين استطاع أن يحمل معه أكثر من ألف دولار! وهذا يطرح سؤالين: من أين له هذه الآلاف؟ وهل يعقل أن أحداً في بلاده يستطيع توفير هذا المبلغ الكبير بمقاييس البلاد آنذاك بل إلى الآن؟ والثاني لماذا لم ينفق جزءاً من هذه الأموال على أبناء بلدته التي يحتاج بعضهم فيها إلى ملء فمه بحفنة طعام يدفع بها عن نفسه غائلة الموت؟ ثمة تناقض في كتابته.
ـ تفاصيل هروبه والمطاردة التي تعرض لها من الجيش الكوري والجيش الصيني فيها تهويل وإثارة لا تليق إلا بروايات المغامرات لا بسيرة ذاتية واقعية، هل تعمد الكاتب الزج بهذه التفاصيل المثيرة ليضمن تحويل سيرته إلى فيلم سينمائي ناجح؟!
ـ مؤلف الكتاب تلقى تدريباً في كوريا الشمالية على تقمص حياة الكوريين الجنوبين المتأثرة بالنمط الغربي، ويبدو أنه استفاد من تجربته العملية هذه فوضع كتاباً وفق معايير الجودة التي تشترطها بعض دور النشر الغربية ليكون الكتاب شعبياً وذائعاً، وقد جاء كتابه على هذا النحو لكن هذه الصنعة أفسدته فنياً وإن خدمته تجارياً.
ـ يزعم المؤلف أن سياسة التوحد مع كوريا الجنوبية في التسعينات كانت آخر ما تبقى لكيم جونغ الأب من نفوذ وأن ابنه عارض هذه السياسة بشدة، وهذا الزعم ضعيف لأن سياسة التوحد أو التقارب مع كوريا الجنوبية كان تكتيكاً سياسياً استمرت كوريا الشمالية في انتهاجه حتى بعد وفاة الأب بل وحتى بعد وفاة الابن ومجيء الحفيد كيم جونغ وون.
ـ التلاعب بمصائر الناس من صفات الطاغية، فهو يرفع من يشاء من الأسفل إلى أعلى عليين ثم يهبط به من عليائه إلى أسفل سافلين، وأحياناً يفعل ذلك بلا مبرر منطقي سوى اختبار أمره ونهيه، وقضائه وقدره الموهوم.
ـ الكتاب تم تطويله عمداً لزيادة عدد صفحاته، والفصول الأخيرة منه مملة لا تكاد تجد لها قيمة.
ـ امتدح الكاتب نفسه بطرق غير مباشرة، وأحاط شخصيته بإطار مذهب من الإبداع والذكاء والشجاعة والإنسانية أيضاً.
ـ ما كتبه المؤلف عن الصين وحياته فيها يفوق ما كتبه عن كوريا الشمالية! والقارئ لديه فضول ليعرف الحياة في كوريا الشمالية لا حياة من هرب منها وعاش في أخرى.
ـ الكتاب مثير وشيق في حديثه عن كوريا الشمالية لأنه يكشف لنا حقائق تبدو لنا جديدة تماماً، وهو إلى الرواية أقرب منه إلى السيرة، وعليه فهو إلى الخيال أقرب منه إلى الحقيقة.