بعد ساق البامبو يظهر السنعوسي خاطفاً الأضواء مرة أخرى وكأنه جاء بفئران أمي حصة ليقول لنا بأن بوكر ساق البامبو لم تأتي صدفة ولم تكن جراء وثبةٍ عالية للحظ ..
بعدياً عن فحوى الرواية ... النص كان رائعاً مدروساً بالكلمة وبالحرف مكتوباً بعناية فائقة الى حد اعجز فيه عن ايجاد اي ثغرة ، جهد السنعوسي واضحاً جداً وقصته محبوكة بطريقة حرفية عالية بين الماضي والحاضر بين الضعف والقوة وبين الفأر والآخر هناك ابداع لا يحكى ولا يوصف وهناك نصٌ أكثر من جوهري ورائع ..
في عمق الرواية تحدث السنعوسي عن اعماق المجتمع التي تصيح بلا نهاية الرواية ذات البيئة الكوتية تكاد تلامس كل عربي جاءت لتصف لنا مشهد تحول الدين من علاقة بين العبد وربه تُنظم حياته وفقاً لها الى اداة للتمييز والطائفية والحروب الأهلية والسياسية والسيطرة والاضطهاد والنكبات المتلاحقة ..
بين ما حصل سابقاً وبين ما يحدث الآن و ما سيحصل تعيش مع الرواية في دوامة ما ، أمامك فريقين ولا تدري الديك حق الاختيار و الانحياز إلى أحدهما أم انك مجبر ، تنتظر النهاية تنتظر الخروج من الدوامة لكنها تتسع أكثر تكبر من حولك تفهم الرواية أكثر لتنجرف في صلبها أكثر ..
"كتكوت" سرد لنا الكثير من أحداث الكويت وحروبها الدامية اعادنا الى الوراء الى حرب الخليج والى احتلال العراق للكويت والى تهجير الفلسطنيين منها وحتى حرب لبنان لم يتوانى لحظة عن ذكر الآلام والجراح وعن حديث الخيبات والفتن ..
اياً كان ذاك " الكتكوت" والذي لربما كان أنا أو كان انت ، واياً كانت تلك "الفئران الأربعة" والتي لربما تقبع في زوايانا ولا نراها ، فإن "إرث النار" بطاعونها الذ لا يزال يفتك عمقنا حتى الجذور رواية واقعية مفجعة و كل اشخاصها أحياء بيننا من دم ولحم و"أولاد فؤادة" كلنا لنا منهم نصيب .
منذ عرفت أن الرواية قد منعت وقد تم حذف أربعة فصول منها لغايات الرقابة عرفت أن فيها ولادة ما من رحم الظلم وآمنت بوعيها قبل ان تصبح بين يدي .