"قد تشيخ الأسرار كأصحابها، وربما يفوت أوان البوح بها، إلا أنها لا تندثر ولا تُمحى."
بلغة رصينة، حبكة محكمة وسرد خاطف للأنفاس تحكي لنا هذه الرواية عن ثراء، صحفية تعرضت في عملها بالجريدة لصدام مع أحد حيتان الفساد، في حرب تخوضها بمبادئ وقيم دون سلاح يُذكر، أُجبِرت فيها على التخلّي عن ساحة النزال ثم مصاحبة زوجها في رحلة عمل طارئة له في الصعيد، لتبدأ فيها حربًا من نوع آخر، غير كل الحروب التي اعتادت يومًا أن تخوضها.
المرة الأخيرة التي أذكر أنه قد أصابتني بها نوبات شديدة من الأرق والكوابيس كانت بعد مشاهدتي لفيلم
"The Exorcism of Emily Rose"
ثم أثناء قراءتي للنصف الأول من هذه الرواية.
غير أنني ومع الانتهاء من قراءتها، حلّ الغضب والألم محل الخوف، وتأكدت، أن تلك النفس البشرية بشرّها وجهلها وأنانيتها وأحقادها وأطماعها؛ جديرة بخلق أكثر الكوابيس إثارة للرعب والفزع والهلع، لتقف كل الشياطين والجن والأرواح والعفاريت عاجزة أمام هول ما تستطيع أن تقترفه.
المُلفت في الأمر، أنه مذكور بالرواية أنها مستوحاة من أحداث حقيقية، مما يؤكد أن قصة واحدة من الحقيقة قد تكون أكثر ألمًا ورعبًا وغرابة من ألف قصة وقصة من الخيال.
جرعة لا بأس بها من الرعب ثم الألم، إلا أنه ذلك الألم الذي يجعل دائرة فهمك وإدراكك للحياة وللبشر تتسع.