اقتباسات من كتاب رحلات هنري بندييه إلى بلاد الكرد والآثوريين: جاسوس في كردستان العثمانية

ثم مررنا بالقرب من قبرٍ حديث العهد، فوجدنا بعض النساء يبكين ويتنهّدن مولولات، وعندما تريد نساء المتوفَى الاستراحة من هذا العبء، يقمنَ بدفع مبلغ معين لعدّادات فيقمنَ بالنواح على القبر حسب الساعات المتفق عليها، والتي أخذن أجرًا عنها، ويقمن بذكر صفات المتوفَى الحسنة خلال نحيبهن هذا، وهذه التمثيلية الصغيرة تستمر حتى يوم الجمعة أيًّا كان يوم الوفاة...

ومِن حولها الصّحراء الشّاسعة التي تعكس ضياءها على المدينة، فتبدو كأنها مُحاطة بهالةٍ جميلة، وتبدو بغداد وكأنّها معزولة عن العالم بأسره. هذه مدينة بغداد السّاهرة، مدينة ألف ليلة وليلة.

أفعال البرابرة، فهُم لن يقدموا على هذا التصرّف الهمجي؛ وإنّما هم الإنجليز، فعندما يقومونَ بالتّنقيب ينقلونَ كلّ ما يستطيعون نقله إلى بلادهم، أمّا الذي لا يتمكّنونَ من نقله فيقومونَ بسحقه هكذا حتّى لا ينتفع الآخرون منه.

أمّا بعد اجتياز بغداد فنجدُ سمكَ القرش، لذا فمن الخطورة السباحة في هذه المنطقة دون اتّخاذ الاحتياطات المناسبة

قضينا الصباح في تنظيم ملاحظاتنا، ثم قمنا بزيارة الراهبات اللواتي لهنّ بيتٌ بالقرب من بيت الآباء. وقد جعلونا نشاهد بيتهنّ بالكامل، بدءًا من المستشفى وحتى غرف النوم والروضة، ومدرسة الأطفال الصغار الذين يلعمونهم الحروف الفرنسية، والحروف العربية أيضًا.

لقد أعجبتُ كثيرًا بالصبر الذي يتربى بفضله هؤلاء الصغار، وهناك الكثير من الفتيات اللواتي يتركن المدرسة في سن مبكرة، خاصة الفتيات المسلمات؛ لأنهن تتم خطوبتهنَ وهن مازلن في المدرسة، وغالبًا ما يتزوجنَ في سن العاشرة. أما الأولاد فيخرجون من مدرسة الراهبات، ثم يلتحقون بمدرسة الآباء لاستكمال تعليمهم.