اقتباسات من رواية جنود من عسل

"يا عبدَ الله، ادْعُ المَلِكَ على قدْرهِ لا قدْرِك، ادْعُه بما تحبّ، فإنِّه لما تحبّ يُحبّ".

وقائد الفرْس هو "الفيرزان"، كلا الفريقيْن يبذلانِ كلَّ الجهْد والدّم والأرْواح، حتّى أذِن اللهُ للمسلمين بالنّصر المؤزّر، بعد تضحياتٍ كثيرة ‫ وبعدَ انتهاء المعركة، وعَدّ القتْلَى، وإنقاذِ الجرْحى؛ لاحَظَ "حذيفة بن اليمان"، والذي تولّى قيادةَ الجيش بعد استشهاد "النّعمان"، تبيّن له أن الفيرزان ليس في القتلى، وأنه فر من القتال.

كان بجيش "هارون الرشيد" عشرون ألف جنديّ لا يكتبون أسماءهم في "ديوان الجند"؛ فلا يأخذون رواتبَهم، لكنْ كان لا يهمّهم غير ألّا يعرفهم أحد، يكفي أنْ يعرفهم الله.

أنِّي لا أملكُ من الأمْرِ شيئًا، لا أدفَعُ ضررًا، ولا أُنزلُ عونًا، مأمورة ولا فِكَاك ‫ - وهلْ ستكون رحمتُك بالخلْقِ أكبرَ من رحمةِ الخالق يا أرضُ؟ ‫ هل يصوّر لكِ فكرُكِ أنّ الآلامَ والأحزان والهمومَ والغموم لا يملكُ اللهُ أن يدفعها كلها دفعة واحدة.

‫ في ذاك اليومِ اجتمعَ الخيال مع الحقيقة، الفنّ مع العظة. توفّي المُنشِد، وبقيتِ الكلمات هي الأثر، ويا لهُ من أثر. ‫ بعضُ الناس قد يُحّقر من شأنِ الكلمة، والبعضُ قد تذهب بنفسِه كلّ مذهب، أصبح "مشاري العرادة" حبيسَ اللّحد،

‫ - سبحانَ مَن جعل للروحِ على الرّوحِ حقًّا!

‫ وسبحان مَن جعل الرّحمة داخل الصّدور حقًّا!

‫ وسبحانَ مَن صاغ الإنسانية للإنسان، وليست عليه،

‫ وجعل فيها كلّ الحقّ..

‫ ردّدتِ الأرضُ والشمسُ من خلفه…

‫ "سبحانه.. سبحانه"

"حُبّه لي فاقَ حبّي له، ألم يخلُقْني، ويرزقني، ويكسوني، ويطْعِمني، ويسْقيني؟ وكنتُ من أهل الكفر؛ فأرسل الجيوشَ إلى أرضي، ودخلَ الإسلام إلى بيتي، وماتَ مَن مات في سبيلِ ذلك، ثُمَّ شرح صدري للدّين، وجعلني من أهله، فأنقذ روحي من النّار، ...

"يا ربّ، بجوارِ الباب، فقط أدْخلني الجنّة، حتّى ولو جعلتَ مكاني بجوارِ الباب" ‫ يدْعو ويدْعو. ثُمَّ وهوَ يقترب في طوافِه من البيتِ سمع حسّ امرأةٍ تبكي، وصوتُها يتضعْضَع رجاءً وهي تنادي… ‫ "يا ربّ، بحقّ حُبّكَ لي؛ ارزقني قلبًا طائعًا أعبدك به..

صدقَ رجلٌ كان في القرنِ الرّابع من هجرة مُحمَّد صلى الله عليه وسلّم، اسمه "ابن حزمٍ" حينما قال. ‫ "إنَّ الهمومَ إِذا تَرادَفَت في القلبِ ضاقَ بها، ‫ فإِنْ لَمْ يفِضْ مِنها شَيءٌ بِاللِّسَانِ، ‫ وَلمْ يُسترَح إلى الشَّكوى. ‫ لم يلبث أن ....

بَيْد أنّي أؤمنُ أنّ الأجيال الجديدة من البشَرِ تحتاجُ لقول كلّ ما عندها، وإلّا ستُدمّر الإنسانية القابعة فيهِم، لكن مع ذلك، أؤمنُ أكثرَ أن ليس كلّ ما في الرأس يستحقّ أنْ يُقال ‫ .

عَلَا صوتُ توقّف سيارةٍ بالخارج، كان لصريخِ عجلاتها دوي مزعج.

في يومٍ من عامِ ألفٍ وتسعمائة وثمانية وخمسين، أرادت دولةٌ اسمُها "فرنسا" القضاءَ على كلمةِ الله بأرضٍ قدِ احتلّتها منذُ ما يزيدُ عن القرن، بعدما عُقِدت المؤتمراتُ والدّراسات على مدارِ سنوات، وأقيمتِ النّدوات والمحاضرات، حتّى توصّل علماءُ النّفس والطبّ والتّاريخ .

أن الكيفية الوحيدة للقضاء على الإسلام، هي بالقضاء على هوية أهله.

بطمأنينةٍ أتى حديثُ القَمر:

‫ - سُبحان مَن رُزق الهِمّة، وأنبتَ الأحلامَ في الصّدور، سبحان مَن أجرى على الشّفاه الحروف، سبحان مَن جعل الكلمة جُندًا مِن جنوده!

أخَذتِ الأرض زخرفَها وازّيَّنَت، ثُمَّ استهلّت الحكايةَ بقوْلها: ‫ - صاغني الله في قالَبٍ من الكَمال، ولا كمال إلّا له سبحانه، فأحسَنَ تصويري، وأتقنَ صُنعي وتقْديري، ولمّا أتى زمانُ خلقِ "آدم" أمرَ المولى "جبرائيل" أنْ يأتيه بطينٍ منِّي، فلمّا نزلَ ...

قرار، وقالت:

‫ - الحمدُ لله أنْ مكّنني في يوميَ هذا أنْ أعود، وجدّد لي في لقاءِ القمر والأرضِ العهود، وأحْياني حياة الطائعين، ورزقني صُحبةَ المأمورين، فلَهُ الحمد أوّلًا، ولَهُ الحمدُ آخرًا.

‫ - يا "صُنعَ الله"، أتدري شيئًا عن ضمّة الأمّ وهي في حالة رضا عن ولدها، أو في حزن منه؟ ‫ لكنّها في الحالتيْن تضمّه ضمّة المُشتاق إليه، الغافر لذنبه، المشفق عليه! ‫ هكذا هي المساجدُ مع أهلها، كلّما

‫ "يا عبدَ الله، ادْعُ المَلِكَ على قدْرهِ لا قدْرِك، ادْعُه بما تحبّ، فإنِّه لما تحبّ يُحبّ".

فما أعطى الله تكليفًا لأحدٍ إلّا وأعانه عليه، فمنذُ خُلقتُ حتّى اليوم، لم أشهدْ إلّا عوْنَه ولطْفَه، اختباراته وابتلاءاته، لا تنزل إلّا لتهذيبٍ أو تكفير ذنبٍ أو رفْع مكانة، أو حكمة يعلمُها سبحانه.