الكتاب قرئ عام2019 لا داعي،لاعادة القراءة
مراجعتي،لكتاب سد هارتا للكاتب هرمان هسه
تدور أحداث الرواية حول الفتى "هارتا" واسمه يعني الذي بلغ هدفه او القديس "، فهي رحلة فلسفية روحية عميقة، تبحر في الفكر والعقل، وهي من الرحلات التي تغيّر الإنسان بعدما ينتهي منها، وتجعله يرى الحياة بمنظور مختلف، تجعله ينصت للسلام كما انصت السيد هارتا فنتعلم أن يحب الإنسان نفسه وغيره ويحب العالم، أن يراه كلوحة فنية جميلة كما رآها "سد هارتا"، أن يسعى لجعل العالم مكانًا أجمل لنفسه ولغيره.".
يخضع "سيد هارتا" لظروف قاسية من الصوم لأيام طوال والنوم على الشوك، والتأمل لفترة طويلة في الشمس الحارقة، آملًا في الوصول إلى الحقيقة من خلال "السامانا" وطقوسهم القاسية. وعندما يبدأ الشك في التسلسل إلى قلبه مجددًا، ينتشر في الهند خبر ظهور هذا المتنور الجديد، شاب صغير يدعى جوتاما ويلقب بـ"بوذا"، أي المستنير، الذي استطاع الوصول إلى الحقيقة المطلقة وهو يتأمل أسفل شجرة البنيانا (التنين الهندي)، وبات يجوب الهند واعظًا ومبشرًا بتعاليمه عن الألم والتخلّص من شقاء الحياة من خلال الحقائق النبيلة الأربعة والطرق الثمانية واعدًا من يتبعونه بالخلاص. ويلقى بوذا من كهنة الهندوسية ردود فعل متباينة ما بين من يراه مستنيرًا حقًا وأنه قد بلغ مرحلة النيرفانا، وبين من يشكك فيه ويكذّبه ويراه مهرطقًا لا أساس لكلامه من الصحة.
أما سيد هارتا فإنه يخرج في رحلة جديدة للبحث عن "بوذا" والسماع منه، لعلّه يجد لديه الحقيقة المطلقة التي تزيل عن صدره ما يساوره من شكوك. ويصف هرمان هسه "بوذا" في روايته من خلال البطل "سد هارتا" قائلًا
ص 50: "ومضى بوذا هادئًا في سبيله، مستغرقًا في خاطره. ولم تكن ملامحه الوديعة سعيدة أو حزينة، بل كان يبدو عليه أنه يبتسم في لطف من الداخل. كان يرتدي عباءته ويمشي كما يمشي النساك الآخرون تمامًا.. غير أن محياه، ومشيته، ونظراته الخفيضة الوادعة، ويده المدلاة المسالمة، وكل أصبع في راحته يتحدث عن السلام والاكتمال، لا يسعى إلى شيء، ولا يحاكي شيئًا، وإنما يعكس هدوءًا متصلًا، ونورًا لا يخفت، وسلامًا لا سبيل إلى النيل منه. فإن المطلوب من سيدهارتا هنا أن يفصل نفسه تماماً عن كل ما ينتمي الى فكرة الإنزواء ليصل بدلاً من ذلك إلى إذابة روحه كلياً في العالم
يخرج سيدهارتا من الغابة عابراً النهر ليصل الى المدينة حيث عليه أن يسلك درب حياة البشر العادية، تنفيذا لتعليمات بوذا ولكي يصل الى الحكمة المطلوبة فيعيش بالمدينة ويتزوج وينجب طفل ويغتني لدرجة انه يلبس الثياب الغالية ويسكن القصور وهي تجربة اوصلته او كادت الى الضياع والابتعاد عن الحكمة ولكن سيد هارتا انقذ نفسه وكانت هذه المرحلة هي من اوصلته الى الحكمة.
وكان لقاء ابنه ذلك الشاب الوسيم هو الاختبار الاخير والعظيم الذي كان على سيد هارتا ان يجتازه ليعرف انه وصل لنهاية الطريق لانه سيتذكر نفسه وتجربته التي عاشها فيبارك لابنه طريقه ويجعله يعيش تجربته التي اختارها
.. يتعلم "سدهارتا" المعنى بعد رحلة طويلة، يتعلم كيف ينصت إلى النهر يتعلم كيف يتقبل الضعف البشري، يتعلم أن السر هو ليس الهروب من ذاته، بل أن يقبلها كما هي "وحينئذ تناهى إليه من مكان ناءٍ من روحه.. الصلوات البرهمية.. "أوم" المقدس، ومعناه الواحد الكامل، أو "الكمال". وهي هذه اللحظة عندما بلغ صوت "أوم" أُذُنيّ سد هارتا، استيقظت فجأة روحه الغافية لقد وصل الى هدفه .