تقييم جودة الترجمة:
⭐⭐⭐⭐⭐
لا اعلم ما اذا كانت هذه الترجمة من اللغة الالمانية مباشرة ام من لغة وسيطة لكن في جميع الأحوال فهي ترجمة ممتازة جداً ولا غبار عليها.
اول تجربة لي مع المترجم انتهت بسلام حمداً لله.
-----
تقييم الرواية:
⭐⭐⭐⭐⭐
-----
* المميزات / نقاط القوة *
- رواية متعددة الجنسيات كما هو حال المؤلفة نمساوية الأب ، يابانية الأم وألمانية اللغة. اوروبية من حيث الطابع الأدبي ( النمسا ) ، آسيوية المكان والبيئة والشخصيات ( اليابان ) واخيراً ذات فكر ومضمون يصلح لأي ثقافة اخرى.
- حبكة نفسية ممتازة.
- عدد محدود جداً من الشخصيات مما يسهل على القارىء التركيز والمتابعة.
- نهاية الرواية جاءت تجمع نقيضين: مأساة ونجاة.
----
* العيوب / نقاط الضعف / الملاحظات *
- السرد المتداخل بين الشخصيتين الرئيسيتين كان يحتاج للقليل جداً من التوضيح بخصوص من المقصود بينهم في بعض المواضع القليلة من الرواية.
- النهاية رغم جمالها لكن كنت افضل ان تكون مأساوية بالكامل.
-----
مراجعة الرواية:
الانسان عندما يفقد الشغف والرغبة نتيجة تعرضه لعدة صدمات لم يكن مؤهل نفسياً لاستيعابها والتأقلم معها ينتهي به الحال الى العزلة والانقطاع عن ما يدور حوله تماماً.
هذه العزلة قد تأخذ شكل واضح تماماً في انقطاع الانسان عن كل شيء ؛ المجتمع المحيط به خارجياً وحياته الشخصية داخلياً. او قد تكون العزلة داخلية رغم تظاهر الشخص خارجياً ان الامور تسير على ما يرام وهنا تكون العواقب وخيمة واكثر سوءاً.
تم تقديم كلا النموذجين في الرواية من خلال الشاب ( هيرو ) المنعزل خارجياً وداخلياً ، و الرجل الكبير ( أوهارا ) المنعزل داخلياً.
لنتناول عناصر الرواية بشيء من التفصيل.
* الفكرة / الحبكة *
الرواية تنتمي للأدب النفسي بكل تأكيد حيث ناقشت قضية العزلة المجتمعية التي يقع فيها الانسان كنتيجة لصدمات يتعرض لها ولا يستطيع التكيف والتأقلم معها اما لهشاشته النفسية او لافتقاده الدعم المطلوب خاصة من اقرب المحيطين به او لرغبتهم في تشكيله حسب اهوائهم ورغباتهم والتعامل معه على انه مجرد من المشاعر والاحاسيس والرغبات والاحلام.
باختصار لا توجد لغة انسانية مشتركة يتحدث بها الجميع.
( هيرو ) الشاب العشريني قرر الانعزال التام في حجرته. خارجياً مع المجتمع والاسرة وداخليا مع احلامه وطموحاته. على الجانب الاخر نجد ( أوهارا ) على مشارف الستين يعيش عزلة داخلية قاتلة رغم ما يبدو عليه من استقرار اسري ووظيفي.
شيئاً فشيئاً نغوص عميقاً ونسبر أغوار الشخصيتين لنكتشف كم هائل من الدمار النفسي الداخلي يجعلك تتسائل كيف صمد هؤلاء لكل هذا حتى اللحظة ؟ الاجابة تمثلت في العزلة التى اختارها كليهما رغم اختلاف اسبابها عند الطرفين.
تعددت الأسباب والعزلة واحدة.
* السرد / البناء الدرامي *
الاحداث في الرواية متداخلة. بعض الاوقات انت مع ( هيرو ) والبعض الاخر مع ( أوهارا ). لا مشكلة كبيرة في هذا لكن في بعض المواضع القليلة كنت افضل ان يكون هناك توضيح بسيط بخصوص من المقصود بالحكي. لكن بمتابعة القراءة ستفهم بكل تأكيد ولن تفقد سير الاحداث. لا اعلم هل هى مشكلة بسيطة في الترجمة ام ان النص الأصلي كان يسير على هذا المنوال والتزم به المترجم ؟ عموماً ليست عيباً جوهرياً على كل حال.
مع تداخل الأحداث سنلتقي عند نقطة تقاطع مع ختام الرواية الذي سيقودنا الى خطين متوازيين: المأساة المفجعة والتحرر والأمل.
* الشخصيات *
الشخصيات محدودة جداً في الرواية. ( هيرو ) و ( أوهارا ) شخصيتين رئيسيتين تسيطران على اكثر من ٩٠ بالمئة من الأحداث وباقي الشخصيات مساعدة ومنها تكتمل الصورة والخلفية النفسية للبطلين.
* اللغة / الحوار *
على صعيد لغة السرد والحوار كانا يميلان للشق النفسي بطبيعة الحال حيث كلا البطلين يعانيان بشدة.
* النهاية *
جاءت نهاية الرواية على خطين متوازيين. خط حمل مأساة انسانية مفجعة والأخر حمل الأمل في التحرر والنجاة.
استمتعت بكلاهما واجدهما يتناسبا مع طبيعة كل شخصية وما تعرضت له من احداث ومواقف من الطفولة وحتى لحظة النهاية وربما لجأت الكاتبة لهذا الحل تخفيفاً من وطأة العمل الأدبي ككل ولإعطاء الأمل بأنه من الممكن ان يكون هناك قليلاً من الضوء في نهاية النفق.
شخصياً كنت افضل ان تكون النهاية مأساوية على كلا الطرفين لكي تكون اكثر واقعية لكن هذا لا ينتقص من جمال الرواية شكلاً وموضوعاً بطبيعة الحال.
-----
ختام:
رواية تتسم بالبساطة في السرد والحكي لكنها غاية في العمق والمضمون لمحبي الأدب النفسي.