سر العنبر
ل مي خالد
"ريحة الحبايب"
"ريحة حبايب ميرا"
طوال الرواية وتتردد بداخلي كلمات أغنية ريحة الحبايب لعمرو دياب..
غلاف بسيط للغاية به إصيصان لزهور باللون الأزرق وبينهما كتب:
"تكمن روح العطر فيما يتركه من أثر"
ثم تهدي الكاتبة عملها إلى اثنين استدعيا ملائكة الإلهام فنتسائل هل استدعوهم لشخص الكاتبة؟
ثم تضع لنا قصاصات الأولى الكلمات التي كتبت على الغلاف ثم كلمات للإمام الجنيد، ثم كلمات لها عن غرامها للأمكنة الحقيقية في روايتها أما الشخصيات فهي من خيالها لتستنطق هذه الأمكنة..
ويأتي المشهد الأول بعنوان جنة الروح وبأسفل منه رسمة بالأبيض والأسود لقدمان تقفان على أطراف الأصابع ترتديان الخلاخيل ويتطاير فستانها مع حركتها..
والكاتبة تضع الرسومات نفسها في بداية كل مشهد ونهايته وكأنها تذكرك بكل ما قرأته فيه أو تضع صورة مختلفة تعزز المشهد أيضًا..
بطلتنا ميرا تعمل في مجال ترجمة الأفلام والتمثيل للدوبلاح وبمسلسلات الأطفال، تعشق الزنبق وزجاجات العطور الفارغة التي ذهب أصحابهم وبقيت هي تتعرض لرؤية عجيبة وهي مستقيظة في طفولتها لتجري وراء شابة تدعى نور تشبهها ولكن تفقد أثرها حينما نادت عليها الأم.. تتعرض البطلة لحادث سيارة يفقدها جزء من ذاكرتها فينصحها الطبيب بعد يومان بالعودة للمنزل قبل موعد حظر الكورونا لترتاح وتبدأ في تنشيط ذاكرتها..
لهذه البطلة ابنة" فريدة" تطلق عليها اسم جنة الروح وقد سافرت إلى دبلن-أيرلندا للدراسة..والتي ستفاجيء ميرا بقرار اتخذته بدون أن تخبرها عنه وبعد هذا القرار تتوقف حركات الطيران من وإلى مصر بسبب الكورونا..
تتحدث ميرا عن كابوس الجائحة والحياة التي وصلوا لها مع الجائحة، وكيفية تعاملها وتعامل الناس من حولها معها وتقول:
❞ عرفت بأمر الحظر، وإغلاق المحال وأماكن العبادة وتعطيل المواصلات العامة ليلًا، وزيادة وفيات الجائحة بالآلاف، وما زال أصحاب المقامات ورؤساء الدول والممالك على حالهم، يتطاحنون، على الرغم من خلو شوارعهم من المارة. ❝
ثم تبدأ الكاتبة المشهد الثاني بعنوان ونس الفانيليا ويبدو أن لكل مشهد رائحة ما حتى نصل لسر العنبر ..
تحدثنا الكاتبة عن التوابل والعطور بخبرة رائعة فنجدها تقول:
❞ يبدأ الاستنشاق بروائح عشبية، وياسمين، أما قلب العطر فجوزة الطيب، وشيح وفي النهاية حين نصل إلى قاعدة العطر، نستشعر خشب الأرز. “إستيه لودر.. آلياج”.. برفان للاحتفاء بأنوثة عام 1972، العام الذي ولدت بعده ببضع سنوات. ❝
تغوص البطلة في بيوت العمارة التي تسكن فيها منذ الطفولة وتبدأ في سردها عن أصحاب البيوت لتحقق لجارتها رويدا حلمها بفيلم وثائقي بعنوان"عمارتنا"..
تعطينا الكاتبة لمحات خفيفة عن الكثير من الأشياء: عن الأطعمة، معلومة تاريخية، أثر ما، أغنية في إيرلندا، فريق غنائي، معلومة عن رئيس ما، وغير ذلك من أشياء تضفي على العمل روائح متعددة..
حتى خفة الدم تجدها لدى مي إذ تحكي عن زوجة البواب أم أوباما وسبب اختيارها للاسم وعن عمل ابنها، أو عن أفعال جعفر كولة..
للكاتبة ملكة لن أقول صوفية، فهي مثلي كما أظن تحب الصوفيين وليست منهم .. وهذا يتجلى في أجزاء كثيرة من الرواية بصورة محببة..
تتميز الكاتبة في هذه الرواية بنهايات المشاهد المباغتة مثلما حدث معي في مشهد "آيريش كوفي"..
أو أفعال عجيبة حينما تخللت الانثربولوجيا في عروقها لتعرف كل ما يخص جارتها الأيرلندية مستأجرة الشقة المفروشة..
تمضي بنا الحبكة حتى النهاية فنعلم مدى تمكن مي خالد من حبكتها هذه وحكايتها الجميلة ذات الروائح العبقة..
شكرًا مي خالد على رواية عطورك هذه..
#نو_ها