اقتباسات من رواية السندباد الأعمى : أطلس البحر والحرب

‫ لا يمكن أن تكون قد نامت. نادية لا تنامُ بسرعة؛ إنها مليئة بالهواجس، أفكارها مُعوجّة ومنبعجة ومرضوضة. إنها آخر من ينام، وأولُ من يستيقظ.

كأن أحدًا توغل في الأحراش الخبيئة داخلها؛ رأى الجذور النابتة من سفحِ الخوف. بيت الأشباح المدعوّ قلبها. الروح يباب. لكن الحقيقة أنَّ أحدًا لم يكن منتبهًا إليها، تقريبًا.

فانظر بعقلك إنَّ العين كاذبةٌ

⁠‫واسمع بقلبكَ إنَّ السَّمعَ خوّانُ

‫التطَّيلي الأعمى

عاد نواف ينظر إلى امرأته الوحيدة على الشاطئ. بينهما أرضٌ وبحر. يريدُ رؤية ملامحها عن قرب، لكن الشَّمس شديدة السطوع، والرّمل أبيض، وسطح البحر يبرقُ بتكسّرات الضوء، وهو لا يستطيع رؤية شيء..

كانت قدماها تغوصُان في الرّمل الدافئ، وهي عائدة إلى الشاليه، والبحر من ورائها. أمضت السَّاعات الأخيرة تبحث عن القواقع والأصداف، القنافذ السوداء وأسماك الزوري، نجمات البحر والقباقِب والحلازين. كان جلدها قد تحمَّصَ وتقشّر، وقلبها يرقصُ من جمال الدُّنيا.

فهي تحتاج أن تضع بعض الأشياء وراء ظهرها لكي يصبح العاديُّ ممكنًا، بل ومُستحبًا.

تمضي هدى السَّاعات متسائلة أيهم يستحق اللوم فعلًا، دون أن تعثر على جواب، ثم تقرر بأن اللومَ امتياز الآلهة، وهي لا تقدرُ عليه.

❞ لقد فقد العالم نقاءه إلى الأبد. ❝

❞ فاللعنة على هذا العالم إذا ذهب أمثالُ هذا الخائن.. شهداء. ❝

منذ تلك اللحظة، على الأرجح، صار الأب عاجزًا عن النَّظر إلى ابنته سوف تعرفُ مناير، عندما تكبر، أنَّ الطّفل يُصبح لا مرئيًا عندما يكفُّ أبواه عن النَّظر إليه لكن هذه أفكار سوف تساورها بعد ثلاثين سنة، أما في تلك اللَّحظة،

جيد

وأن بُسطار العالم يدوسُ بكلّ ثقله على العزّل.

جدّتها تحسست جبينها؛ لا حُمّى، لكنها عليلةٌ في قلبِها.

لقد انتُزعت حقيقتهُ منه تقريبًا، حتى وجدَ نفسهُ طافيًا خارج السياقات؛ العام منها والشخصي أيضًا.

إذ من السهلِ أن تجذبك حكايات مليئة بالعفاريت وطيور الرُّخ وأودية الماس، وفكّر نواف بأن الأنسان عاديٌ على نحوٍ لا يُغتفر، والأيام بدأت تشبهُ نفسها.

منذُ جيشُ الجراد مرورًا بأنشقاقِ البحرِ وحتى الطوفان، هذا العالم فسدَ أكثر مما يجب علي أي حال، وهو بحاجة إلى طوفانٍ لتطهيرهِ.

ولا يعرف كيف سيرممّ هشيم الأفكار التي آمن بها ونادى بها وخوزقتهُ.

وقد بدت له الذاكرة مثل حقل ألغام .

وهو يعرف الآن بأن الأشياء السيئة تحدث فعلاً؛ الحروب، الأوبئة، والخيانات الزوجية. إنها تحدث لنا ايضاً، وليس لآخرين على الطرف الآخر من الشارع

انتابها منذ ذلك اليوم عطل ابدي، وظلت لسنوات لاحقة يراودها بين الفنية والأخرى ذلك الشعور الحلميّ المتموج وهي تتساءل إن كانت موجودة فعلاً، أم أنها مجرد حلم يقظة لشخص أكثر حقيقة منها