جالسًا بجوار نافذة، أشهد الطقس البارد في هولندا بينما أمسك بنسخة من رواية شتاء في لشبونة لأنطونيو مونيوث مولينا،المشهد يستحضر صورة مؤطرة بألوان زرقاء وباردة. ومع ذلك، فإن قراءة هذه الرواية، التي نُشرت لأول مرة عام 1987، جلبت إلى خيالي لوحة نابضة بالألوان (الحب، الإحباط، الخوف، الدهشة...). تحت وطأة الشتاء والمطر اللذين يسيطران على القصة، تأخذ السردية القارئ في رحلة ساحرة عبر ثلاث مدن: سان سيباستيان، مدريد، ولشبونة. ولشبونة، على وجه الخصوص، تبرز كمكان تتكشف فيه الحقائق وتتشكل فيه حقائق جديدة.
هذا الوصف ذكرني برواية أخرى: قطار ليلي إلى لشبونة التي نُشرت عام 2004 من قبل باسكال ميرسييه. في هذا الكتاب، تلعب لشبونة أيضًا دورًا محوريًا، حيث تعمل كعدسة تساعد البطل على رؤية الحب والحياة بمنظور مختلف.
لغة مولينا كنز ثمين للقراء الذين يبحثون ليس فقط عن قصة آسرة، بل عن نثر مزين بأناقة الشعر وإيقاع الموسيقى. كلماته تنبض بطاقة الجاز العفوية الجامحة، مما يحوّل الرواية إلى تجربة تتجاوز حدود السرد.