أحيانًا يهز كيانك عمل أدبي ما ولا يعني ذلك أنه عمل غير مسبوق في تاريخ الأدب، أو أنه أفضل ما قرأت في حياتك. إنها الصدف العمياء التي تبعث لك رسالة تساعدك على فهم ما تمر به، في اللحظة التي تحتاجها تمامًا، دون حتى أن تعرف أنك تحتاجها. الامتنان ليس للأعمال العظيمة فقط، ولكن للأعمال التي كان دورها عظيمًا في فهمنا لأنفسنا في لحظةٍ محددة، حتى إننا عندما نلتفت لحياتنا يمكننا تعريفها بهذه الأعمال.
في أثر عنايات الزيات
نبذة عن الكتاب
تتحوّل عنايات من كاتبة مجهولة إلى ندّاهة تطاردني، قبل أن أرى صورتها، وأسمع طرفًا من أخبارها، وأشعر أنني مشدودة من أنفي لمعرفتها، كنت أبحث عن الكنز، عن أرشيفها الشخصيّ الذي لا بد أنه هناك، متفرق بين البيوت وجغرافيا القاهرة وفي ذاكرة من تبقى من حياتها من أحياء تدمير أرشيف عنايات الشخصيّ، بدا لي مثل كارثة في أول الأمر، لكن غيابه جعلني أتتبع أثر ما تم طمسه. جعلني أفكر أن طموحي ليس عرض حياتها في صفحات كتاب، عرض حياة شخص ميت هو مشاركة في التسطيح والتفريغ المستمر للماضي من معناه. قلتُ لنفسي، لا يجب أن أتكلم باسمها، لا يجب أن أقدم مسودة لحياتها، هناك لحظة تقاطع بيننا، سأجعل هذه اللحظة تعمل مثل دليل روحي وسنختلف في كل ما عداها كثيرًا. ربما هي نفسها لا توجد إلا في هوامش نجت من سيطرة المؤسسات والأسرة والأصدقاء؛ ربما كان عليَّ أن أتتبع آثارها في "الهالِك"، في جغرافيا دارسة عاشت وماتت فيها، الشارع والمقبرة والمدرسة الألمانية ومعهد الآثار الألماني، في قانون الأحوال الشخصية وقضية الطلاق، في سياق رفض الرواية ونشرها، في الأحلام والصداقة والحب والاكتئاب والموت. لقد بدتْ لي قصص كل من تقاطعت حياته مع حياتها، وكأنها جزء من قصتها. أردتُ أن أعرفهم واحدًا واحدًا لأنهم مروا بحياتهاالتصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2019
- 243 صفحة
- [ردمك 13] 9789778031027
- الكتب خان
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من كتاب في أثر عنايات الزيات
مشاركة من إبراهيم عادل
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
إبراهيم عادل
مصادفة نادرة جمعت الشاعرة إيمان مرسال برواية «الحب والصمت» للكاتبة عنايات الزيات، التي عرفت فيما بعد أنها ماتت في شقتها منتحرة عام 1963، من هذه الرواية ومن قصة الانتحار الغامضة تلك تبدأ رحلة استكشافية طويلة، وعلى طريقة التحقيقات الصحفية تتبّع إيمان مرسال أثر عنايات الزيات وتجمع ما يمكنها الوصول إليه من أوراقها وأخبارها المتناثرة لتتعرف على سيرتها الذاتية بشكل دقيق، وما الذي يمكن أن يكون قد قادها إلى تلك اللحظة المأساوية التي قررت فيها أن تتخلى عن أحلامها وكتابتها وابنها وعالمها وتترك الحياة وتقرر أن تموت!
لاشك أن الرهان كان صعبًا، ولكن يبدو أن الصدق والإخلاص في البحث والتقصِّي وشيء من روح الكاتبة الحاضرة الغائبة، جمع كل هذه المواد المختلفة من قصاصات الجرائد والمجلات إلى أقوال الجيران والأصدقاء وشهادات الشهود، والبحث الدؤوب والإصرار على الوصول إلى كل ما بقي من أثر تلك السيدة التي مضى على رحيلها نصف قرنِ من الزمان، ولم يبق من الشهود على حياتها وماضيها إلا عجائز، ولعل المصادفة الكبرى في حياة عنايات الزيات كانت صداقتها الوثيقة بالفنانة نادية لطفي.
أحيانًا يهز كيانك عمل أدبي ما ولا يعني ذلك أنه عمل غير مسبوق في تاريخ الأدب، أو أنه أفضل ما قرأت في حياتك. إنها الصدف العمياء التي تبعث لك رسالة تساعدك على فهم ما تمر به، في اللحظة التي تحتاجها تمامًا، دون حتى أن تعرف أنك تحتاجها. الامتنان ليس للأعمال العظيمة فقط، ولكن للأعمال التي كان دورها عظيمًا في فهمنا لأنفسنا في لحظةٍ محددة، حتى إننا عندما نلتفت لحياتنا يمكننا تعريفها بهذه الأعمال.
—في أثر عنايات الزيّات – إيمان مرسال
من الحب والصمت إلى الانتحار والموت!
من الرواية تبدأ إيمان مرسال رحلة بحثها، التي يسهل التعرف على أنها رواية عن الموت، ليس موت أخ البطلة فحسب بل ـعلى حد تعبير إيمان مرسال ـالموت الذي تحاربه البطلة في داخلها وضجرها بهذه الحياة، ولكنها لا تتوقف عندها، رغم ما يمكن أن يستكشفه القارئ من تقطاعات أوضحتها بين بطلة الرواية «نجلاء» والكاتبة «عنايات»، إلا أن ثمة تفاصيل أخرى غير معروفة، خاصة في سيرة حياتها وطريقها نحو الكتابة وعلاقاتها بالمجتمع، سعت إيمان مرسال باجتهاد بالغ للوصول إليها وتقفي آثارها، بدءًا من صديقتها الفنانة «نادية لطفي» التي رحبت بشدة بالتعاون معها وحكت لها كل ما عرفته عن الأديبة الراحلة، مرورًا بأختها المترجمة عظيمة الزيات والمفارقة التي جمعت بينها وبين أختها في دار النشر القومية التي ظنت أنها رفضت روايتها قبيل انتحارها، حتى تصل إلى صديقاتها في المدرسة وتعرف وتكشف لنا جوانب من حياتها كانت مجهولة للجميع!
ولعل أجمل ما فعلته إيمان مرسال في الكتاب هو طريقة السرد التي اعتمدتها والانتقالات بين الحكايات والمصادر، والتي جعلت القارئ شريكًا معها في رحلة الاستكشاف تلك، فهي تقدم كل فصل بالحكاية القديمة التي قادتها إلى معلومة جديدة، وشيئًا فشيئًا يتعرّف القارئ معها على ما تجده من مفاجآت، وهي في كل ذلك تمزج بين سيرتها الذاتية ومواقفها الشخصية وبين حياة عنايات الزيات وحكايتها، حتى أنها تتصوّر بعض المشاهد والمواقف وترسمها بخيالها بطريقة أدبية وكيف كانت يمكن تعامل عنايات الزيات معها، فترسم مشهدًا لجلستها العائلية أثناء طلب الطلاق من زوجها، تلك التي كان لها أثر سيئ وتسببت لها في الكثير من المشكلات القضائية آنذاك، كما ترسم مشهدًا دقيقًا لدخولها المستشفى التي كانت تعالج فيها من الاكتئاب فترة طفولتها، وغيرها من المشاهد والمواقف.
لم يقتصر الأمر على سرد ومحاولة استكشاف البيئة الثقافية والاجتماعية التي عاشت فيها عنايات الزيات فحسب، بل تطور الأمر مع إيمان مرسال لوصفٍ تفصيلي متقن لعدد من المباني والمصالح الحكومية والمستشفيات، وتاريخ نشأتها وتطورها ومن كان يعيش فيها منذ عشرينيات القرن الماضي، وما آل إليه أمرها بعد ثورة 1952 وحتى الآن، كما ترسم صورة مختلفة لعدد من كبار الأدباء الذين تعرفوا على كتابة عنايات الزيات بمحض الصدفة، وكتبوا عنها بعد وفاتها مثل أنيس منصور ويوسف السباعي وغيرهم، مما يجعل من الكتاب صورة حية شديدة الواقعية والثراء تكشف عن فترة هامة من تاريخ مصر على خلفية البحث عن واحدةٍ من كاتباته، كما يعد درسًا في الصحافة الاستقصائية وطريقة البحث وراء المصادر بصبرٍ وأناة.
..........
من مقالي على إضاءات
****
-
nermeen af
مما قرأت في أثر عنايات الزيات
من أغرب الكتب التي مرت على، يحكي عن عنايات كاتبة و صديقة نادية لطفي، انتحرت في السيتينات و تقرر الكاتبة تتبع قصتها، و البحث عن كل ما يخصها، بداية من مقبرتها و منزلها الأول و مسكنها الثاني، و إبنها و أخواتها وووالدها، حاورت ايمان اعز صديقاتها الفنانة نادية لطفي، و حكت تفاصيل عنها، ثم اتسعت الدائرة لتصل إلى اصدقائها من الحضانة و جيرانها، و عرفت ملابسات عدم نشر روايتها الأولى و ايضا اكتشفت أن نادية لطفي استعانت بحقيبتها الشخصية في فيلم حبى الوحيد.
أسفر البحث عن أن عنايات كانت تشرع في عمل رواية جديدة عن عالم نباتات اسمه كايمر، و تتبعته و وجدت أنها تبحث عن تفاصيل كتبه و حياته و كتاباته، و ساعدها على ذلك عملها في المعهد الألماني، و مع ذلك تنتحر عنايات، وصلت ايمان لقصة انتحارها و المستشفى التي تتابع معها و اسم الدواء الذي تناولته و ماتت بسببه.
اتعلمت من الكتاب طريقة البحث و تتبع آثار اى شخص و الاستمرار على ما بدأته مهما كانت صعوبته، مع مرور السنوات مع تزاحم مشاريع أخرى، استمعت كثيرا بحكايات و سرد يوميات ايمان و حواديتها مع كل من قابلتهم في رحلتها، كما تفهمت رحلة ايمان مرسال للكشف عن خطايا متعددة سواء من الناس او المعالجين و الأصدقاء أو من عنايات نفسها.
تسائلت لماذا هذا البحث من الأصل، لعله الفضول و الاعجاب، لعلها تشبهها حتى تضعها في مقارنة معها بين حياتها و ما عاشته عنايات من تجارب كتابية و حياتية، حتي جعلها البحث تصنع أرشيف عنايات من العدم.
بقلم: نرمين عبدالعزيز
#nermeenabdelazi
z -
آية صلاح
جمال ما بعده جمال !
كيف يكتب المرء كتاباً ؟
ما المميز حقا في العمل ؟
لماذا عنايات الزيات ؟
هل هي تجربة عنايات الزيات الشخصية أم أنها تجربة إيمان مرسال في البحث عن معني ؟
لا أعرف لماذا يكتب المرء كتاباً ولكنّي أعرف ما المميز حقا في هذا العمل وأعلم أن تحول الأمر من مجرد بحث أرشيفي عن كاتبة اسمها عنايات الزيات إلي معني ما جوهري بالنسبة لإيمان مرسال هو ما نتج عنه هذا الجمال الصادق !
هل تجربة الاكتئاب شئ نادر للحكي عنه؟ كطبيبة بالطبع لا ، لذا فالمميز بالنسبة لي هو المزج ما بين هو شخصي لعنايات وما هو شخصي لمرسال ليحرك ما ها شخصي بي !
طوال القراءة لم أكف عن تخيل أني أنا الرواي وتصحبني إيمان وعنايات في متاهات عوالمهما للشخصية بصورة عشوائية شديدة الترابط والجمال !
بين ما هو جمعي وبين ما فردي ، الفردانية مقابل الجماعة ، الحاجة للجماعة والتكتل ، ما تحميه فينا القبلية وما تحمينا منه !
الأرشيف ، كيف تصنع أرشيفاً شخصيا ؟ كيف نصدق تأريخنا الشخصي ؟ كيف أثق بذاكرتي وسردي ؟ كيف فعلت إيمان مرسال هذا !
هذا الكتاب لا ينتهي ب انتهاء قراءته وانما هو أرشيف لتجارب انسانية تعرينا وتكشف تساؤلتنا الشخصية تجاهنا نحن شخصياً
أحببته بشده وكان رفيقي في فترات تحطم وألم شخصي ، شكرا لك إيمان وألف رحمة ونور يا عنايات !