"عشت أربعين سنة يا كامل، أربعين سنة على الأرض، أكلت وشربت وتزوجت، صاحبت وأحببت وكرهت، مر عليك أربعون صيفاً وأربعون شتاء، جلست على البحر وسهرت على النهر، ولم تزرع شجرة قط. كامل، لماذا لم تزرع شجرة؟"
ليس وحده كامل من لم يزرع شجرة.. أعرف العديد من الأشخاص مثل كامل.. أنا مثل كامل، أصدقائي، أقاربي.. أعرف الكثيرين الغير مهتمين من الأساس أن يزرعوا شجرة! لماذا نرزع شجرة غالباً لن ننال منها شيئاً؟ لا ثمارها سنستفيد منها ولا حتى يُمكننا الاقتراب منها.
أحب هذا النوع من الروايات، القصيرة، التي تحمل رمزية، مُستترة وجلية، تضرب جذورك الثابتة بالأرض، تُزعزع فروعك.. وتجعلك غير مُستقر.. تعصف بذهنك وبأفكارك وتجعلك ترى الحياة من أعلى، كشجرة، لا تُبالي بالورود الصغيرة من حولها ولا كم البشر الذين يُسبحون بجمالها.
تبدأ الرواية بحدث عادي أو فلنقل غير عادي باختطاف لموظف أربعيني ليوجه له خاطفه أسخف سؤال وجد في الحياة: لماذا لا ترزع شجرة يا كامل؟ حييتُ كامل على انضباطه وعدم سبه لسائله -في البداية- وأنه حاول أن يفقه كُنه الرمزية حول السؤال.. لنخوض معه رحلة في حياته، حياته التي لم ينجح في أي شيء فيها.. حياة عدمية تقوم على الفُتات لا أكثر، من شقة إيجار يدفع فيها أغلب راتبه، زوجة تتحكم في كُل شيء كربة الأسرة -تُحبه؟ لا أعلم- وأبناء يُحاول ألا يُظهر أنه يُحبهم ولكنه كذلك.
رواية مُزلزلة بلغة شاعرية ليست غريبة على شاعر ومُترجم وكاتب أيضاً!
يُنصح بها.