"نص موتى مقبرة النجف أني نقلتهم للمقبرة. نص موتى حرب إيران وحرب الكويت وحرب الأمريكان أني نقلتهم. هذا اختصاصي. حبيبي ما تنسى أتحضر أفلوس الأجرة كاملة. بالأخضر…يعني بالدولار. يعني تنطيني الدولارات أسلمك المرحوم." - حمّام بغدادي للعراقي جواد الأسدي 🇮🇶
على خلفية التدخل العسكري الأمريكي في العراق، تقف تلك المسرحية على أعتاب مسرح العبث، إذ ترتكز إلى الجدال بين سائق حافلة وأخيه، أولهما يعمل مع الأمريكان نظراً لحاجته إلى المال، والآخر يمقتهم، وإن كان قد اضطر للعمل قسراً مع زبانية القتل والتعذيب التابعين لإحدى الجماعات المسلحة، وشاهد بأم عينيه جرائم التصفية والإعدامات الجماعية دون أن يجرؤ على الاعتراض.
بلهجة شعبية عراقية تدور الحوارات بين الأخوين مجيد وحميد، فتتأرجح بين السخرية والاستهزاء، قبل أن يتشح الحوار بأسى شديد الوطأة، يزيح "ستارة" جديدة للجمهور-القرّاء كي يطل على مشهد عدمي يتناسب مع حجم الكارثة في العراق الذي كان ولم يعد كما كان. المسرحية قصيرة وإيقاعها سريع، وقد عمد الأسدي إلى تجنّب إقحام أي رؤى فلسفية على لسان بطليه كي لا يُحمّل النّص ما لا يطيق. كذلك، وُفّق الأسدي في اختيار الحمام الشعبي موقعاً لمشهد النهاية، بما يرجح الحاجة إلى التطهر أو العبور بالمطهر كي يغتسل الوطن من أدران كثيرة قبل ميلاده مجدداً.
كنت قد قرأت "مدينة أين" للمؤلف ذاته، وأعتقد أني سوف أقرأ عملاً ثالثاً له.
#Camel_bookreviews