قرأت الرواية، ولم أجد فيها أي نزعة للعنف و العدوان أو حتى للمقاومة، ولا استنهاضها، يمكن وصفها برواية ( كيوت) توثيقية تشير للمأساة و تسجل للحدث من طرف خفي دون أن تحمل معها رسائل لمقاومته أو ادانته، لكن يسجل للرواية الاشارة الى الظلم والظروف السيئة التي يحياها الفلسطيني. ومع كل تلك الوداعة في الطرح الا ان الرواية ايضا لم تسلم من العداء!
وما حدث تأجيل تسليم الجائزة من قبل معرض فرانكفورت أو إلغائها الا اشارة واضحة وصريحة لمنع أي حق للفلسطيني للاشارة الى قضيته، حتى و إن كتبها بلغة و أسلوب توافق أو تقارب المعايير الغربية ( المتحيزة) والتهم الجاهزة و المعلبة ( بمعاداة السامية) لكل من يطرح رواية مغايرة للرواية الصهيونية، أو حتى لو قال: قد تألمت يوماً يا عزيزي، فلماذا قتلتني؟ سيقول لك: مت من تم ساكت!
من ناحية أدبية:
رواية مكتوبة بلغة صحافية تكاد تخلو من الجمال، أشبه بتقرير صحفي، القصة بسيطة في حبكتها، يمكن القول انها رواية دائرية، أو تستند لمقولة العود الأبدي، فما عانت منه الفتاة التي اغتصبت و قتلت من قبل فرقة من الجنود في آب1949 ، يتكرر في زمننا المعاصر، اذ يتقاطع مصير الفتاة التي تروي الاحداث مع مصير الفتاة التي ماتت قبل ربع قرن من مولد بطلة القصة، ومجد ان رائحة الوقود على اجسادهما مشتركة في يوم مقتلهما، وكلاهما ماتت و الكلب ينبح في الخارج.
بعض الاشارات الى ما يعانيه سكان منطقة (أ) في فلسطين، و ما حلّ بالقرى الفلسطينية في أراضي ٤٨، هي ما انقذت القصة ، و منحتها النجمات الثلاث. اما على المستوى الجمالي و الاسلوبي، فالجزء الأول منها ممطوط جدا، ومكرر، بشكل ممل. لكنه مع ذاك أراه أسلوبيا أفضل من القسم الثاني الذي تسرده البطلة، بعض الاشارات مثل تكرار ظهور الكلب في الرواية في كلا زمنيها يضفي عليها اشتغالا اسلوبيا، يدفع القارئ الى البحث في دلالة ذاك التكرار.
لكن هناك نقطة غير مقنعة، وهي تصوير المستوطنين بهذا الشكل الساذج و المتسامح مع الغرباء( لو كان هيك الوضع ما كانت المقاومة تغلبت، ولكانت داخلة طالعة من المستوطنات) يعني في شي مو منطقي ابدا بالسرد فيما يخص المستوطنات.
مع كل ذلك، فأي عمل يخدم القضية، و يشير الى ما يعانيه شعبنا، فهو عمل يستحق القراءة، لإنه يسلط الضوء على القضية في ظل العصر الذي نحياه( عصر ماوراء الحقيقية) و اسكات صوت الفلسطيني.