"كان أول الواصلين (إلى البرازيل) من الشرق الأوسط يحملون أوراقاً صادرة عن الإمبراطورية العثمانية، مما يفسر تسميتهم بالأتراك إلى يومنا، إذ يشكلون تلك الأمة التركية الرائعة التي تندمج مع الأمم الأخرى في تشكيل الأمة البرازيلية المتجددة." - نساء البُن (أو تاريخ اكتشاف الأتراك لأمريكا) لعملاق الأدب البرازيلي خورخي أمادو 🇧🇷
على غرار عمالقة الواقعية السحرية في أمريكا اللاتينية، يهدينا أمادو رواية تزخر بالعجائب وتؤرخ لعمق الأثر الذي تركته الجاليات اللبنانية والسورية في البرازيل (وغيرها من بلدان المنطقة) وسرعة اندماجها في المجتمع المحلي على عكس الغزاة الذين سبقوهم بقرون وفشلوا في فهم طبيعة البرازيليين.
تقترب رواية أمادو روحاً من مقامات الحريري ومن روايات البيكاروس الأسبانية، إذ تسعى شخوصه إلى تحقيق أهدافها عن طريق الحيلة والتحايل والاحتيال إذا لزم الأمر ما بين عجوز متصابي وقوّاد مدمن للكحول وتاجر يبحث عن المكسب، إلا أننا لا نملك سوى التعاطف معهم إزاء حرج مواقفهم، ونجد أنفسنا متفهمين لدوافعهم وغاياتهم، وإن كانت مذمومة في العرف السائد.
تبدو البرازيل في عمل أمادو أرضاً للفرص رغم نهب ثرواتها طوال قرون متلاحقة على يد المستعمر الأوروبي، بل ونشعر أن الوافدين المشرقيين قد أعادوا اكتشاف خيراتها وكنوزها بما فيها طبيعة شعبها المحب للحياة وثراء ثقافتها، وساهموا في زيادة هذا الثراء. أسلوب أمادو سلس للغاية، وسخريته من الاستعمار لاذعة رغم تسترها خلف حجاب الاستدراك، وقد تفاجئت حين علمت أن الكتاب بأكمله قد ولد من رحم فصل لكتاب آخر قرر أمادو أن يهمله، وأنقذته يد زوجته من الضياع.
#Camel_bookreviews