من هو دون كيشوت؟
أهو الخارج لنصرة المظلومين كما يحب أن يرى نفسه، وكما صار كثيرون يرونه؟
أم هو الذي تعبّأ بالأوهام فصار أضحوكة؟
أم أنه، كما قال عبد الرحمن بدوي «تجسُّدٌ للمثل وللقيم المجردة. وهو الجانب المثالي من الوجود الذي يصرعه الجانب الواقعي.
أم أنه كان طامحًا لتقليد الفرسان في شكلياتهم وطقوسهم فوضع نفسه موضع الهزء والسخرية؟
ألا نستطيع أيضًا أن نعتبره العاشق الغارق في الحب؟
أم أن دون كيشوت أراد أن يتصدى لعالمه بنخوة الفرسان التي فات أوانها فصار وضعه مثيرًا للضحك؟
لعل دون كيشوت هو الإنسان المعبأ بالغضب من التردي الأخلاقي والسياسي والاجتماعي في عصره، والذي يريد أن يتصدى لعصر بأكمله، وبالتالي فما يراه ليس طواحين هواء ولا قطعان أغنام، بل هو عصر متفسخ متردٍّ، وقيم منهارة، تفرض على المرء وقفة شجاعة مهما بدت خاسرة.
إنها معضلة تراجيدية «دونكيشوتية».
كتاب فكري ممتع وثري، استمتعت بالجزء التحليلي أكثر من القصيدة.