والمجنون هو أسير الفكرة الواحدة والنمط الواحد من التفكير. من سماه تشيخوف «الرجل المعلب». لكن هذا ليس معلباً بسبب عزلته الانكماشية عن البشر. بل لرؤية خاصة بالحياة الإنسانية. رؤية عنيدة لا تقبل المساومة أو التنازل. وربما أوصلت إلى المجابهة الانتحارية، أو الموت الاستشهادي. إنها صرخة غاليلو: «تدور الأرض. تدور». وهو أمام الموت.
نحن .. دون كيشوت
نبذة عن الكتاب
لم يعد من الضروري الوقوف عند الصورة التي كتبها سرفانتس. هناك فرق كبير بين دون كيشوت الذي كتبه لكي يسخر منه، أو لأي هدف آخر، وبين دون كيشوت الذي صار ملكنا، وحملناه في مخيلتنا، وأخضعناه لتصوراتنا، وصرنا أحراراً في أن نعيد صنعه وصياغته كما نشاء. ويمكننا القول إن لكل منا دون كيشوته الخاص به سواء كان قد قرأ الرواية أم لم يقرأها، وسواء اعتمد على الصورة التي في الكتاب أم لم يعتمد. وسواء اعتمد على تفسيره الخاص لما في الكتاب، أم أسقط على الكتاب ما يريده. إن الوجوه المتعددة التي لشخصية مثل دون كيشوت تمنحنا الحرية والشجاعة للتعبير عن رؤيتنا الخاصة به. وبالتالي فإن كلاً منا قادر على أن يتحدث عن دون كيشوت الذي رآه في الكتاب، أو دون كيشوت الذي يربيه هو في مخيلته الرمزية والإبداعية. فدون كيشوت موجود في كل مكان، وموجود في كل منا. والرؤية الدونكيشوتية هي تلك التي لا تعطي صاحبها الفرصة للتراجع. لا بد من الوقفة التي تبدو انتحارية أو جنونية. فالتراجع للبحث عن فرصة جديدة تعني التغاضي عن الانهيار الذي حدث للبشر وللقيم. ويعني كأن المرء يتغاضى عن التردي. إنه نوع من معاقبة النفس لإحياء ضمائر الآخرين. ونستطيع أن نقول بصورة عامة لا بد من وجود وقفة دون كيشوتية دائماً لكيلا يموت الشرف في الحياة ذاتها. ومن أجل هذا خطر لي ذات يوم أن أدافع عن الجنون.عن الطبعة
- نشر سنة 2023
- 136 صفحة
- [ردمك 13] 9789933540555
- دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب مجّانًااقتباسات من كتاب نحن .. دون كيشوت
مشاركة من Bassma Alenzi
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
هبة أحمد توفيق
من هو دون كيشوت؟
أهو الخارج لنصرة المظلومين كما يحب أن يرى نفسه، وكما صار كثيرون يرونه؟
أم هو الذي تعبّأ بالأوهام فصار أضحوكة؟
أم أنه، كما قال عبد الرحمن بدوي «تجسُّدٌ للمثل وللقيم المجردة. وهو الجانب المثالي من الوجود الذي يصرعه الجانب الواقعي.
أم أنه كان طامحًا لتقليد الفرسان في شكلياتهم وطقوسهم فوضع نفسه موضع الهزء والسخرية؟
ألا نستطيع أيضًا أن نعتبره العاشق الغارق في الحب؟
أم أن دون كيشوت أراد أن يتصدى لعالمه بنخوة الفرسان التي فات أوانها فصار وضعه مثيرًا للضحك؟
لعل دون كيشوت هو الإنسان المعبأ بالغضب من التردي الأخلاقي والسياسي والاجتماعي في عصره، والذي يريد أن يتصدى لعصر بأكمله، وبالتالي فما يراه ليس طواحين هواء ولا قطعان أغنام، بل هو عصر متفسخ متردٍّ، وقيم منهارة، تفرض على المرء وقفة شجاعة مهما بدت خاسرة.
إنها معضلة تراجيدية «دونكيشوتية».
كتاب فكري ممتع وثري، استمتعت بالجزء التحليلي أكثر من القصيدة.