"كان الوحيد الذي فهم روح هذا الشعب العظيم. (…) شعب إذا شعر بالاختناق أكثر مما يجب ينتفض في النزع شبه الأخير (يسمي المؤرخون ذلك ثورات) ثم يسلم أمره لأول طامح إلى السّلطة، شعب إذا أتيحت له المشاركة في انتخاب رئيس يصوت في اللحظة الحاسمة لمستبد جديد." - السيرة العطرة للزعيم للتونسي شكري المبخوت 🇹🇳
اشتهر شكري المبخوت في الساحة الأدبية عقب صدور روايته "الطلياني"، أما في هذا العمل، فيستقطر المبخوت من سير الطغاة والبهاليل العرب في العقود الأخيرة محلولاً يعب منه بطل روايته البدوي الذي صعد إلى مصاف الزعماء بفضل موهبته الفطرية في لي أعناق الأيديولوجيات من جهة، وقدرته على التلاعب بمشاعر (ومصالح) رفاقه من جهة أخرى.
فعلى خلفية الحراك الطُّلّابي والنّقابي في تونس، يبزغ نجم "العيفة" الذي يسخّر سحر خطابه وزهده في الحياة كي يدين البرجوازية والليبرالية باسم الماركسية تارة، والأناركية تارة، قبل أن ينقلب على المذاهب جميعها باسم النقاء الثوري والحاجة إلى التمرد على الموروث النخبوي.
جبِل المبخوت شخصية فريدة تجمع بين هوس القذافي وأفعوانية بن علي وتسلط صدام حسين وبطش بشار الأسد، فجاء "العيفة" كمسيخ دجال يتشدق بشعارات لا رادّ لها، ويحشد البسطاء لخدمة مصالحه والانتقام من كل من خالفه الرأي والتوجه. وعلى الرغم من فساده، إلا أن "العيفة" يفاجئنا بين الحين والآخر بحِكمة هي ثمرة تجاربه وبصيرة نافذة هي عنوان فهمه للظرف الإنساني وكيفية استغلاله.
#Camel_bookreviews