حكايات حارس الكتب
حكايات شخصية عن القراءة..هكذا وصف عماد العادلي كتابه الذي يقص علينا فيه تاريخ القراءة في حياته الشخصية..بدأ شغف الطالب عماد بالقراءة في طفولته الأولى عندما رأى كتاب زميلته المبهر في ألوانه وصوره الناطقة...أهدته له فما كان منه إلا أن رد لها الجميل بعفوية طفولية في هيئة(نبوت عسلية).
ثم بدأ رحلة القراءة في عالم( الست أم شربات) وقصصها المعلقة على الحبل. وتطورت رحلة البحث عن المعرفة في تحلقه حول شاشة تليفزيون (عم عبدالله) الجار الطيب الذي كان يجمع أطفال الحي لسماع (أبلة فضيلة).
ولأول مرة أرى تلميذا من تلاميذ الكتاتيب يذكرها بالخير ويدين لشيخه ومعلمه بالفضل عكس الصورة النمطية التي يكررها الكثير من الكتاب والتي تتحدث سلبا ولا تذكر خيرا. يقول العادلي عن شيخه عبدالمرضي(مات الرجل ولكن بعد أن زرع فينا قيما لو أفردت لها كتابا لما كفاها..مات وترك لنا الذكرى الحسنة التي كان الجميع يذكره بها..ذهب ولكنه ظل حاضرا في أذهاننا، وعقولنا، وقلوبنا.)
تتوالى مغامراته مع القراءة بفقدان كنزه من القصص ذات يوم ثم يطل عليه عالم مجلات ميكي الذي وجد فيه السلوى لكن ما يلبث أن يصبح في مكب النفايات في (خرابة مدبولي). نضحك ونحن نراه واقفا في محاولات مستميتة لانتشالها من بين (بقايا ملوخية حامضة وباذنجان مخلل من أيام السلطان الغوري).
وتتواصل حكايات حارس الكتب عن سنوات الدراسة ورغبته الملحة في العلم. وبالطبع لا يخلو الكتاب من حس الفكاهة هنا وهناك فنرى مغامرة الفتى الغض الأولى والأخيرة في عالم سور الأزبكية الخفي.
ثم يأتي أهم الفصول في نظري(قول منفصل ولكنه ليس خارج السياق). وهو الفصل الذي يتحدث فيه عن القراءة بلغة سهلة قريبة تضج حبا فيها وشغفا بها. يا ليت نصا مثل هذا يدرس في مدارسنا لتلاميذ المرحلة الإبتدائية في دروس اللغة العربية! فهم حتما سيحبون القراءة بسبب صدق كلام صاحبها وإخلاصه في النصح. ما أحوجنا لنصوص هادفة يحفظها الأولاد عن ظهر قلب بدلا من نصوص القراءة المملة التي تفرض عليهم في كثير من الأحيان فمازلت أذكر جيدا النص الذي درسته للعقاد يوصي فيه بقراءة الكلام ثلاث مرات حتى يكتمل فهمه.. يقول العادلي أن القراءة( هي الفعل الذي يجعلنا أكثر إنسانية).
ونصيحة العادلي لمن يقرأ كتابه( كن صاحب عين ناقدة..إياك والعين المسلمة المستسلمة.) فالقاريء في نظره(كلاعب البيسبول الذي يمسك بالعصا ليستقبل الكرة..فبدونك تفسد اللعبة ولا تصح..فاستقبالك للكلمات هو شطر الإبداع..فأنت تبدع الكتاب قراءة كما أبدعه الكاتب كتابة.)
سبع صفحات لخص فيها خلاصة تجربته مع القراءة وما علينا فعله وما علينا اجتنابه. تكون هذا الفصل الأهم والذي يجب علينا قراءته على أولادنا(إقرأ لنفسك وللآخرين) ليعلموا ماهية القراءة وكيف يمارسونها (فهي عقول حية تخرج منها أصوات الماضي والحاضر والمستقبل)..
حكايات حارس الكتب هو كتاب في حب الكتب وحب القراءة والمعرفة وهو كتاب خفيف الظل ونوستالجيا(ملمسة على ثقافة) كما صاغها صاحبه وكما شكر في نهاية الكتاب( من اقتطع من وقته لقراءة هذه الحواديت الشخصية جدا عن القراءة) نشكره بدورنا على مشاركته لنا هذه الحواديت وهذه الحكايات.