الكاتب الفريد يوسف ادريس لم يكن متميزا ببراعته في القصة القصيرة فقط. و لا بنبوغه في سبر أغوار النفس البشرية بعيني الطبيب و الأديب. و لا بتعبيره الدقيق عن بيئة الفلاح المصري التي لم يصفها أحد قبله بهذا العمق و تلك البساطة و ذاك الوضوح معا. و لا باشتراكيته الثورية و مواقفه في دعم أصحاب الحقوق على مر تاريخه الطويل. بل تميز أيضا بالغموض على المستوى الشخصي. ذلك الغموض الذي أحاط به نفسه كشرنقة منذ خروجه من المعتقل في منتصف الثمانينات و حتى نهاية حياته. نعم كانت حياته كتابا مفتوحا و كانت الأضواء دوما مسلطة عليه. و لكن جانبه المظلم ظل مظلما بإرادة قوية منه و قرار نهائي بحجب الماضي البعيد في صندوق أسود لا ينفذ إليه الضوء.
و من هنا كانت تلك الرواية التي حاولت تحسس جزء مما يحتويه هذا الصندوق عن طريق تتبع خيوطا واهية و علاقات مبتورة و أخبارا من شتى بقاع الأرض في زمن لم يكن متاحا فيه التدوين و الأرشفة بشكل واسع و كبير.
صدفة
أهدت الوجود
إلينا
وأتاحت
لقاءنا
فالتقينا
لقاء عابر على أول درجة في سلم المجد ألقى بروث في طريق يحي و هو الاسم الذي قرر الكاتب أن يخبئ وراءه شخصية يوسف إدريس.
أربع ليال استودعت. و استقبلت فيها ثلاث سنوات متتالية. ليلة في فيينا مع أبرز أدباء و فناني العالم رأسا برأس. و ليلة مع الأصدقاء بعد مغادرة روث. و ليلة على برش الليف في السجن. و ليلتي هذه التي أجلس فيها وحيدا. لا أجد فيها نديما و لا رفيقا.
ثلاث سنوات من عمر ادريس جمعها لنا إيمان يحي في قالب روائي يدمج فيها عصرنا الحالي عن طريق شخصيتي سامنتا و سامي المتقاطعة مع حكاية يحي و روث مستدعيا مخزونا من قصص الكاتب الكبير المرتبطة بتلك الفترة و كذلك مرحلة مهمة من عمر التاريخ المصري في بداية حكم الضباط الأحرار بعد حركة يوليو في منتصف القرن العشرين و التي تشبه كثيرا الواقع السياسي المصري حاليا.
بعد حين.
يبدل الحب دارا
و العصافير
تهجر الأوكارَ
و ديارا
كانت قديما
ديارا
سترانا
كما نراها
قفارا