هل يرغب الإنسان في السلام بشكل دائم فعلًا؟ سيجموند فرويد يشك في ذلك وابن خلدون من قبله والتاريخ يؤيدهما!
يجنح الإنسان خلال حياته إلى الشر كرغبة دفينة تُحرّكه، إما أن يجاريها فيفسد في الأرض، وإما أن يقاومها فيستحق لذة انتصاره للخير مؤقتاً!
صراع الخير والشر بدأ على الأرض منذ أن خلق الله الإنسان وهو يعلم بأنه سيُفسِد فيها ويُسفك الدماء، لكن حكمة الله أن يخلق كل شيء بقدر. ويُنشئ كل شيء بتوازن لا يفهمه سواه، فهو من يُحرّك الموازين ويضرب الظالمين بالظالمين. لكنه دومًا وأبدًا جعل الخيار في يد الإنسان منذ أن قبل الأخير الأمانة جهلًا بعواقب اختياره.
أهدى الله الإنسان النجدين... الطريقين... طريق الخير والشر، لم يُخلَق على وجه الأرض انسان ليس به جانب من الشر... نفس لوّامه يجاهدها. هكذا خلق الله الثواب والعقاب، وخلق الجنّة والنار.
ولأن هناك نزعة من الشر تسكن في الإنسان، تدفعه هذه الرغبة أحيانا إلى الشعور بالراحة مع التدمير سواء في صورة بسيطة كتحطيم زجاجة لحظة غضب، أو في صورة جسيمة كتدمير مدن كاملة. هذه الرغبة يراها فرويد حاضرة بقوة في الإنسان، لكنها تستتر غالبًا خلف المثاليات المفتعلة، أو حتى خلف الأخلاق الحميدة التي يستخدمها البعض في تحقيق رغبته في تدمير الآخرين أو التنكيل بهم.
السلام حركة سكون - استاتيكية- لازمة من أجل إحداث التوازن مع ديناميكية الحرب والقتال وتأثيراتها، فهناك الكثير من المصائب أو التغييرات العظيمة التي لا يمكن أن تحدث إلا بالحرب. إن الحرب مكتوبة على الإنسان، وصدق الله تعالى عندما قال في كتابه الكريم "كُتب عليكم القتال وهو كره لكم" لأن العدوان غريزة في المخلوقات الحية وعلى رأسها الإنسان، والحرب قد اعتادها البشر منذ فجر الخليقة حتى يومنا هذا. وحسب تقسيم ابن خلدون لأسباب الحروب؛ نجد أنه قسّمها إلى أربعة (الغيرة و المنافسة - العدوان - الغضب لله ودينه - الغضب للمُلك والسعي في تمهيده)، ويرى أن الحرب والسلام هي حلقات متتابعة تدور باستمرار فيعيد التاريخ نفسه.
في كتاب "لماذا الحرب؟" والذي يقدمه الدكتور نادر كاظم؛ والذي ينقل فيه ترجمة لرسائل بين العالِم أينشتاين والعالِم سيجموند فرويد عن آرائهما في الحرب. لا يختلف ثلاثتهم مع ما سبق، بل يقدمون رؤية واضحة كي نفهم أن الحروب لن تتوقف إلى أبد الدهر بشكل نهائي، وأنه يجب التسليم بأنها قانون من قوانين الحياة، كي نستطيع مواجهتها بشكل سليم.
إلا أن هذا ليس معناه الاستسلام للحرب، أو التوقف عن ممارسة حقنا بمحاولة إيقاف الحرب و إحلال السلام، بل على العكس، حيث وجب علينا أن نكون أكثر صمودًا في سعينا في الدفاع عن حق الإنسان في السلام وردع العدوان. أو كما قال فرويد " يجب أن نثور ضد الحرب لأن الجميع له الحق في حياته، ولأن الحرب تضع نهاية لحياة الإنسانيةالمفعم
كتاب( لماذا الحرب؟) كتاب صغير، لكن أثره أكبر بكثير مما توقعته.
أنصح بقراءة الكتب ، ومتحمس لقراءة كتاب" لماذا نكره؟" للدكتور نادر كاظم.
تقييمي للكتاب 4 من 5
أحمد فؤاد