قبل قراءة الكتاب، وجدت نفسي أتسائل: من يسأل لماذا ننام؟ نحن ننام لأن النوم مُتعة. وبعدما أنهيت الكتاب؛ أصبحت على قناعة تامة، أننا لا بُد أن ننام لأن النوم؛ ضرورة واجبة علينا. ضرورة.
دائماً ما تكون عملية النوم بالنسبة لي غير مُشبعة، وأتضح أن عدم التشبع ذلك آتي من السلوكيات الضارة التي كُنت أتبعها في سلوك نومي؛ وإن من مميزات هذا الكتاب أنه سيجعلك تنظر إلى سلوكيات نومك وتُعدلها في أسرع وقت مُمكن. هذا كتاب يُغير طريقة حياتك؛ للأفضل.
"إلا أن "بومات الليل" ليست "بومات" بمحض اختيارها. إنهم أشخاص مُقيدون ببرنامج زمني "متأخر" بفعل تركيبتهم الوراثية التي لا يد لهم فيها. فالأمر ليس غلطة يرتكبونها عامدين، بل هو قدرهم الوراثي."
أعلم جيداً أنني من بومات الليل، أحب أن أسهر في الليل كثيراً وأستيقظ ظهر اليوم التالي أو قبله قليلاً، ولكن الحياة العملية تفرض علينا أن نستيقظ مُبكراً، وننام مُبكراً.. ووجدت تفسيرات مذهلة لعدم تركيزي وفقدانه في كثير من الأوقات.
"من هنا، فإن نوم حركة العين السريعة يُمثل عاملاً مُساهماً جديداً، من بين عوامل أخرى، أدى إلى تطورنا الذي مضى بسرعة مُدهشة إلى أن صرنا جماعة اجتماعية متفوقة مُهيمنة على مستوى الكرة الأرضية كُلها."
الكتاب لا يكتفي بالحديث عن سلوكيات النوم المُتبعة، ولكنه يتحدث عن تاريخ النوم، بالطبع لم يقول كيف بدأ؟ نحن وجدنا أنفسنا ننام، ولكنه وضع نظرية لا بأس بها في هذا الصدد. الكتاب على ضخامته، لم أشعر بملل -رُبما لأني قسمت الكتاب على مدار شهرين؛ أن أقرأ ولو فصل واحد كُل يومين- وكان ذلك مُفيداً لكم المعلومات الهائلة الموجودة في الكتاب.
"لقد حددت دراسات أجريت على المراهقين الصلة القائمة بين اضطراب النوم والأفكار الانتحارية ومحاولات الانتحار والإقدام الفعلي على الانتحار بعد استمرار أيام من هذه الحالة."
الكتاب تناول أيضاً آثار النوم السلبية على كُل الفئات تقريباً من المراهقين حتى كُبار السن مُفصلاً؛ وذلك كانت أكبر ميزة في الكتاب أنه مُفصل موثق بالمراجع.. لا يتكلم عن إحصائيات إلا وتجد المرجع في نفس الصفحة، وخصوصاً عند الحديث عن حوادث الطُرق الناتجة من عدم حصول السائقين على نوماً كافِ.
"صارت منظمة الصحة العالمية تعتبر قلة النوم على المستوى المجتمعي نوعاً من وباء صحي عالمي."
قام "ماثيو ووكر" في آخر فصول الكتاب بجلد المديرين وأصحاب العمل والطريقة غير الآدمية التي يتعاملوا بها مع الموظفين، وضحكتُ كثيراً عندما تذكرت أن هُناك بعض الأعمال التي يكفيك أن توفر فيها قوت يومك وتعمل يومياً أكثر من 13 ساعة، بكل تأكيد يحتاج أصحاب الأعمال لوقفة، ولكن من يقف لهم؟ ولجشعهم؟
كما أسلفت الذكر تحول النوم بالنسبة لي من مُجرد مُتعة أختم بها يومي إلى ضرورة لا بُد أن أضبط سلوكياتها المُتبعة وأن لا أكتفي بمُجرد النوم لـ8 ساعات، ولكن السلوكيات المُصاحبة للنوم كإطفاء الأنوار وعدم الأكل قبل النوم، وعدم ممارسة الرياضة قبل النوم بثلاثة ساعات، ونصائح أكثر وأكثر ستجدها بداخل هذا الكتاب المُمتع والهام. والذي لو أستطيع أن أرشحه لأحد، فسأرشحه لأي شخص أعرفه ولا أعرفه.
النوم ليست مسألة الخوف على تدهور صحتك فقط، ولكن عدم إنضباطه قد يُدمر صحتك النفسية وطريقة تفكيرك ويجعل الدولة تخسر ملايين، وصدق أو لا تصدق؛ قد نصل بسبب النوم إلى الإنقراض إذا لم نقف وقفة جادة وفعالة تجاه النوعية بالنوم.
ستُصبح نصيحتي لأي شخص بعد قراءة هذا الكتاب:
ما تجرب تنام 8 ساعات يومياً لمدة شهر؟
بكل تأكيد يُنصح به وبشدة.