تقييمي للعمل 3.5 من 5
رواية زجاج مطحون للكاتب السوري إسلام أبو شكير، رواية الاحتمالات والتأويلات والرمزيات التي تجد تفسيراً لها في ظل المجتمعات القمعية ومجتمعات الاستبداد.
قد تُفسر على أنها دلالة على العيش في ظل الأنظمة والمجتمعات القمعية والممارسات من تكميم الأفواه. قد يحمل العمل دلالة سجن الأوهام وموت الأشخاص هو موت الأحلام تباعاً. كما وقد يحمل العمل دلالة العزلة المفروضة على الإنسان بفعل قوى خارجية وآثار العزلة عليه.
.
يُبرز هذا العمل العبثي آثار الحروب على الإنسان ويكشف تصدعاته النفسية الناجمة عن ذلك، كما ويُظهر قابلية الإنسان وقدرته على التكيف مهما بدا الموقف
صعباً ومستحيلاً، لكنه هذا النوع من التكيف الذي يصل بالإنسان لحد الانسحاق والانهزام والقبول بأيِّ شيء.
كما وتحمل الرواية ثيمة الموت، حيث تبدأ الرواية بعنوان (القبر) وتتشابك مع الموت الرمزي من خلال الانتظار العبثي.
.
فيما يتعلق بالأسلوب، يوزع الكاتب السرد بين ضميري الأنا والنحن، حيث ساهمت هذه التقنية في إبراز مكنونات الشخصيات. كان بودي أن أسمع أصوات الشخصيات كل بعمرها. هذا كان من الممكن أن يُظهر عمق الشخصيات بشكل أكبر. ليس للشخصيات تاريخ، فنحن لا نعرف عنها شيئاً. جميعها تحمل الاسم ذاته والملامح ذاتها، مع فارق عشر سنوات بين الشخصيات الأربعة، لكن الكاتب أتقن آلية التحويل وبناء مشهد العجز والعبثية.
كما وأعتقد أن الكاتب استخدم تقنية (اللقطة) من خلال إبراز محنة الإنسان المأزوم وهشاشته ضد الموت، لا سيما في مشهد موت العشريني والتفاعلات التي حصلت للجثة. كان هذا المشهد قاسياً جداً
.
أما فيما يتعلق باللغة، فقد كانت بسيطة، قوية، ومتدفقة وتسبر أغوار النفس البشرية المسحوقة. كما وكانت لغة حية قادرة على أن تساعد القارئ على تخيل كل مشهد من مشاهد العمل.
.
فيما يتعلق بالحبكة - والتي كانت مأخذي الوحيد على العمل- أنها لم تكن مقنعة بالنسبة لي. حيث تبدأ وتتصاعد عندما تكتشف الشخصيات الأربعة أنها تحمل ذات الاسم. أجد أنه من الأقوى لو تصاعدت الحبكة عندما أفاق الجميع من صدمة أنهم محجوزون في هذه الغرفة ولاحظوا أن لهم ذات الملامح. حيث أن ملامحهم كانت نفسها مع فارق العمر. ففرق عشرة أعوام ليس بالفرق الكبير ولا يُحدث تغييراً في شكل الإنسان بشكل جذري، فالمنطق أن يكون تشابه الملامح وإدراك ذلك هو اللحظة التي تتصاعد فيها الحبكة وليس تشابه الأسماء
.
لكنه عمل جميل ومتقن ومتفرد. كما يجب التنويه إلى أن الكاتب يتسم بالرقيّ والثقافة واللطافة أيضاً. وقد كانت فرصة جميلة جداً مناقشة العمل مع أصدقاء نادي جسور من ورق بحضوره. حيث أثرى وجوده النقاش وأضاف إليه الكثير.