عليّ الحذر من كل نوبة ثقة، من كل شعور بالانتصار، ومقاومة هذه الأصوات المتسلّلة التي تكرّر على مسامعي أن أكفّ عن لعب دور الصغير، المرتاب، المتواضع، الخجول. إنها تريد أن تُقنعني بأن كلّ شيء ممكن، تريد أن تخدّرني بعطرها المسموم.
الصبية والسيجارة
نبذة عن الرواية
"الصبيّة والسيجارة" علامة من علامات أدب الديستوبيا (أدب المدينة الفاسدة) في القرن الحادي والعشرين، ولكنّها دستوبيا ساخرة تُعرّي بخفّةٍ تهافت عالمٍ من المُثل والأحلام والقيم حتّى تغدو الخفّةُ صنوًا للثقل ويصبح الكائن لا يُحتمل. رواية نُشرت سنة 2005 ومع ذلك فقد بلغت حدّ التنبّؤ العام والتفصيلي أحيانا بما سيحدث في سورية مثلا في السنوات الأولى من العشرية الثانية إذ يصوّر الكاتب مشاهد لهو الإرهابيين السينمائي بضحاياهم مسجِّلا سبقا سرديا وحدسيا لما سيشاهده العالم بأسره بعد ذلك على شاشات التلفاز. تنقذ سيجارةٌ حياةَ محكوم عليه بالإعدام فيخرج من غياهب السجن إلى ساحات المجد والشهرة بدعم من لوبيات صناعة التبغ، وتقلب سيجارة حياة موظّف رأسا على عقب فيتهاوى إلى الدرك الأسفل. وبين هذا وذاك رسائل عديدة يبعث بها الكاتب: إدانةُ النفاق الاجتماعي إذ يكرّس شعارات "العناية بالطفولة" محلّ "الأفكار الشمولية". والدعوةُ إلى الاهتمام بأنموذج بشريّ كاد يلفّه النسيان: الرجل الكهل المنتج، تتغذى الإنسانية من لحم كتفيه ولا يغنم غير الإهمال.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2018
- 176 صفحة
- [ردمك 13] 978-9938-833-86-7
- منشورات تكوين
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من رواية الصبية والسيجارة
مشاركة من حَوْرَاءُ الشيّخ
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
أحمد فؤاد
هناك من الأفكار التي نقرأها أو نسمعها فنشعر على إثرها أن لها عُمقًا ما داخلنا، وكأننا فكّرنا في تلك الأفكار من قبل، لكن أين؟ لا ندري تحديدًا، فنتجاهل ذلك الشعور ونكمل ما نقرأه أو نسمعه من أفكار، فيتزايد داخلنا شعور مؤكد بأنه لا يمكن أن يكون ذلك مجرد شعور déjà vu – وهم سبق الرؤية. يؤرقنا البحث في ذاكرتنا عن تلك الأفكار التي بالتأكيد عرفناها سابقًأ. وعندما نفلح في أن نتذكر تلك الفكرة، نكتشف وبغرابة أنها لا تتطابق مع الذي نقرأه حينها!
من الغريب أن تكون هناك فكرة ما تحفز ذاكرتك كي تستعيد فكرة أخرى مختلفة عنها، فتتعجب كون الفكرتين ليسوا متشابهتين، لكن مع التأمّل البسيط ستدرك أن الفكرتان مترابطتان بشكل خفي.
هذا ما حدث معي أثناء قراءتي لرواية الصبيّة والسيجارة للكاتب الفرنسي بونوا ديتيرتر. منذ الربع الأول من الرواية وأنا أشعر بأنني قرأت شيء شبيه منها من قبل، هذا الحنق الملازم للبطل الذي لا يستطيع أن يخفي غضبه، هذه الرمزية الفاضحة لمعظم الأفعال التي يأتي بها المجتمع الذي يمارس العنصرية والنفاق بكل امتياز. أين؟ أين قرأت هذا من قبل.
بعد أن انتهيت من الرواية تذكّرت... إنه هولدن كولفيلد!
هولدن كولفيلد هو بطل رواية الحارس في حقل الشوفان، ذلك البطل المراهق الحانق على المجتمع وعلى الجميع بسبب الزيف الذي استشرى في مجتمعه، ولم يعد يرى سوى الأطفال رمزًا للنقاء.
في رواية الصبيّة والسيجارة، يتشابه بطل الرواية مع هولدن في كل شيء تقريبًا من حنق وضيق وغضب من زيف المجتمع، وسخف الحياة الاجتماعية التي تُفرّغ العلاقات من المعاني الحقيقية. بالإضافة إلى إظهار الجانب القبيح من منظمة الرأي العام التي ترسخ تفسيرات محددة لكل تفاعل اجتماعي، وتُشيطن أي تفسير آخر. لكن بطل الرواية هنا يتعارض مع هولدن في نقطة جوهرية... بطل الرواية يكره الأطفال!
رغم أن الرواية الساخرة التي تدخل بنا في عالم أدب المدينة الفاسدة، تحتوي على كثير من الأفكار المختلفة التي حاول فيها الكاتب جمعها في بوتقة واحدة، إلا أنني أكاد أستمع صرخة البطل المسموعة في حروف الرواية.
الصبيّة والسيجارة هي صرخة انسان يمر بأزمة منتصف العمر، سن الأربعون والخمسون. نرى إحباط البطل من استعداد المجتمع للتخلي عنه وعن حقوقه، مقابل حقوق الأطفال. فيتحسّر كيف يمكن أن يُسلب حريته بعد أن اجتاز مرحلة الطفولة التي طُلب منه فيها الالتزام بمبادئ الأخلاق واحترام الكبير ومراعاة شعور الآخرين، وعندما وصل إلى سن الأربعين، وجد أن المجتمع السخيف غير من مفاهيمه التي تربّى عليها. فمثلًا عند ركوب الحافلة لم يعد المجتمع يستنكر جلوس الأطفال في مقاعدهم تاركين كبار السن أو النساء واقفين، بل أصبح المجتمع يستنكر ذلك على من في سنه.
الكاتب سلّط الضوء إلى جزئية هامة جدًا في حياتنا الحالية، وهي الحرية التي تزداد مساحتها للأطفال في هذا العصر، وأصبح الاستماع لنصائح الكبار مجرد خنوع للطفل يُضعف شخصيته. انعكست الآية بمباركة المجتمع الذي سارعت كل الأطراف فيه أن تحصل على زخم التغيير المُبهرج الذي ينادي بحرية القرن الجديد. وما ينقله في الرواية ما هو إلا خوف من تفاقم هذا التغيير.
البطل في الرواية يشعر أيضًا بتخلي المجتمع عنه وازدراءه له، بل ويزعم بأن الانسان في سنه هو سن الكمال وهو السن الوحيد الذي يستطيع فيه المرء أن يستمتع بالحياة بعد أن اكتسب الخرة اللازمة ومازال في حالة صحية جيدة، مرحلة عمرية لا تهوّر فيها ولا طيش شبابي، ولا يأس شيخوخة وبؤس من يستعد للرحيل عن الحياة!
كرواية أدبية... ذكرني أسلوبها بلمحة من أسلوب خوزيه ساراماجو (أسلوب العليم)، وأرى أن رمزيات الكاتب كانت جميلة مثل فكرة السيجارة وكيفية تصوير تأثير الحماقة الجماعية للمجتمع على حياة الأشخاص، وقدرتها على قلب الحقائق التي تكسب تعاطف الآخرين. لكنني أرى أن الكاتب لم يُوفق في الجزء الثاني من الرواية، والتي تداخل في أكثر من خط وأكثر من صورة جعل معالجتها متسرعة حتى وإن كانت فكرتها جيدة.
الترجمة ممتازة وألفاظها سلسلة، وأضيف أنني أحترم المُترجمين الذين يحترمون القُرّاء ويوضحون أسباب اختيار ألفاظًا مُحددة للترجمة، والمعنى الضمني الذي يرغب الكاتب في الإشارة إليه في لغة النص الأصلي. تحيّة لزهير بُوحُولي
أجمل الاقتباسات
" ليس الموت في نظر الأطفال المرضى سوى عبورٍ لطيف لا ملامح له تقريباً، بينما هو بالنسبة إلى كهل في عنفوان العمر هلعٌ على شفا الهاوية وكثافة حنين بلا نهاية"
" أنا أرى أن الرجل الكهل، رجل الأربعين والخمسين، هو أكثر من يستحق المساندة، بسبب الطريقة التي يزدريه بها الجميع. إنه لا يزال يحب الحياة، ولكنه يشعر بأن المنيّة تقترب؛ يظن بما لديه من ملكاتٍ ذهنية، أنه في أعلى درجات الاقتدار. ولكن رئيسه في العمل ما ينفكّ يُفكّر في التخلص منه. في كل مكان، ثمة أشخاص أكثر يفاعة ينتظرون الحلول محلّه. زوجته السابقة تعتبره مزعجًا ثقيل الظل لا يصلح إلا لدفع نفقات الطعام. أبناؤه فلذة كبده، يجدونه متخلفًا تمامًا عن العصر. أما سكرتيرته، فتترصد أدنى ابتسامة جانبية لتتهمه "بالتحرش الجنسي" وتجعله يدفع الثمن... في حياته كل شيء قد أبلغ أوجه وكل شيء بصدد الانهيار. إنني لا أرى رمزًا من رموز المجتمع الحديث أشدّ هشاشة منه.
ملحوظة... الكهل في اللغة العربية هو وصف للمرحلة العمرية من بعد اكتمال فترة الشباب ( الأربعون) وحتى إتمام الستون. أما بعد الستين فهي مرحلة الشيخوخة. ولهذا فإن كهل لا تشير إلى رجل عجوز وإنما إلى مرحلة النضج ( من 40 إلى 50) ولكن هناك لغط سائد عن هذا الوصف بسبب الخطأ الشائع في الخلط اللغوي بين مرحلة الكهولة و مرحلة الشيخوخة في مجتمعاتنا.
الرواية ساخرة وأراها عميقة جدًا في فكرتها... فقط لمن يستطيع أن يرى هذه الفكرة.
تقييمي للرواية 3 من 5
أحمد فؤاد – 6 حزيران يونيو 2019
-
Aseel Sa'di
الصبية والسيجارة
للكاتب الفرنسي بونوا ديتيرتر
عدد صفحات الرواية 179 عن دار مسكيلياني
رواية تصنف تحت أدب الديستوبيا (أدب المدينة الفاسدة).
سيجارة قد تنقذ حياة وتنهي حياة وتصنع فرق ما في حياة ما في كون ما موازي أو حاضر لا أحد يعلم ما يخبئه المستقبل لنا.
يقولون أنّ حريتك تنتهي عندما تبدأ حرة الآخرين. لو تأملنا في التدخين بالأماكن العامة نجد انه عمل حر نقوم به نحن نريد أن نضر صحتنا ونستمتع بسيجارتنا لكن هل هذه الحرية تضر بحرية الآخرين الذين لا يودون استنشاق الهواء الملوث بدخان سجائرنا؟
هذا ما قررته تلك الدولة إن السيجارة محرّمة في الأماكن العامة. ممنوعة ومن يخالف التعاليم فإنه سيعاقب عقابا غليظاً.
فالحياة ستكون سعيدة لو توقفنا عن التدخين ودعمنا الأطفال ليصبحوا قادة المستقبل لكن إلى أي مدى يمكن إعطاء الأطفال حريتهم؟ هؤلاء الأطفال الصغار الغير ناضجين الذين يفتقدون للخبرة والتجربة والمعرفة؟ هل من المنطق إعطائهم الكثير من الصلاحيات والاهتمام المبالغ؟ ألن يضر ذلك في تنشئتهم وفي مجتمعهم وفي التقاليد والأعراف وكل ما تعودنا أن يكون الأطفال عليه مقابل الكبار؟
وكيف يمكن لسيجارة أن تنقذ حياة وتنهي أخرى؟ كيف يمكن لسيجارة أن تبني سمعة وتغير حياة شخص بسيط ليستطيع أن ينقذ أحدهم ويدمر حياة الآخر؟
وكيف يمكن للإنسان الحر أن يدعم الإرهاب والمتشددين بدعمهم لأتفه الأمور التي تضخم لتصبح من الأهمية التي تجعلها تدعم الإرهاب وتقوي صورته لمجرد دعم ابن بلدك!؟
رواية تصور الكثير من جوانب الحياة ومن الجوانب النفسية للناس والسياسة والنفاق والمحاباة والإرهاب والسلام.
وفي النهاية نقول (تحيا الحياة).
رواية جيدة ينصح بها لمحبي روايات الديستوبيا لكنها لم تجذبني كثير لا اعلم لماذا.
#Aseel_Reviews
-
Hanan
تغير معايير العدالة الوهمية عند اختلاف العمر وجعل الحياة مستحقة لفئة دون غيرها، قوانين مثيرة للسخرية ترجح كفة نسبة معينة من البشر وإقصاء للباقي والحكم عليهم بالفساد ورميهم بالتهم دون الاستناد لأدلة واضحة، تأكيد صعوبة تطبيق المساواة نظراً لوجود التحيزات الدينية واختلاف لون البشرة، وهذا هو سبب بقاء الفرد في حالته الضعيفة المزرية وشعوره دوماً بالظلم والإجحاف، وخروجه من هذا المأزق يبدو مستحيلاً وحتى إن خرج سيكون بعد فوات الأوان.
-
Israa Salah
أنا محبة للأدب الديستوبي. وتمثل الرواية مثال للديستوبيا حيث تتحول أشياء معتادة كالتدخين، وكائنات لطيفة كالأطفال إلى كابوس حقيقي. الرواية فاجئتني بجمال الترجمة والحبكة القوية والأحداث المثيرة. ويبدو أن الكاتب تنبىء ببعض الأحداث التي عشناها في السنوات الفائتة.