أيّها النّاس، اسْمَعوا قَوْلي، فإنّي لا أدْرِي لَعَلّي لا ألْقاكُم بعدَ عامِي هذا بهذا المَوْقِفِ أبَداً
السيرة النبوية لابن هشام؛ مختصر ابن هشام في سيرة خير الأنام
نبذة عن الكتاب
الغَرَض مِن هذا الكتاب يُرْوَى أنّ محمّد بن إسحاق (تُوفِّي سنة ١٥٢ه/٧٦٧م)، وكان وافرَ العِلْم غَزيرَ الاطِّلاع في أخبار العَرَب، أمَّ بغدادَ، فدَخَل يَوْماً على الخليفة المنْصور (٧٥٤م ٧٧٥م) وبَيْنَ يَدَيْه ابنُه المَهْدِيّ (٧٧٥م ٧٨٥م)، وكان حَدَثاً. فقال له المنْصور: أَتَعْرفُ مَن هذا؟ قال: نعم، هذا ابنُ أمير المؤْمِنين. قال: اذْهَب فصَنِّفْ له كتاباً مُنْذُ خَلَق اللّهُ تَعالَى آدَمَ إلى يوْمِنا هذا. فذَهب ابنُ إسحاق، فصنَّف له ذلك الكتابَ وعادَ به إلى الخليفة. فقال المنصور: لقد طوّلْتَه وأكْثَرْتَ، اذْهَبْ فاخْتَصِرْه. ثُمّ عادَ ابنُ إسحاق بالكتاب مُخْتَصَراً، وسَمّاه كتابَ «المَغازي والسِّيَر». فكان الكتابُ أوّلَ سِيرَةٍ في التّاريخ لِرَسول اللّه (ص)، ولكنّها يا للأسَف قد فُقِدَتْ وما زالتْ مفقودَةً، ما عدا بعْضَ المَقاطِع المخطوطة، الدّفينة في دُور الكُتُب. ومِمَّنْ ساهَم مُباشَرَةً لا عَنْوَةً في فُقْدانِها عالِمٌ آخَرُ في أخبار العَرَب، نَحَوِيٌّ لُغَوِيٌّ، اسمُه عبْدُ المَلِك بنُ هِشام (توفِّيَ سنة ٢١٨ه/ ٨٣٤م). فقَدْ تَناوَل ابنُ هِشام، بعْدَ ما يُقاربُ نِصْفَ قَرْن، كتابََ ابنِ إسحاق في المَغازي والسِّيَر، فاسْتَطْوَلَه، وقام بِوَضْعِ سِيرَة رسول اللّه (ص) في حُلَّةٍ جَديدَة مُخْتَصَرَة. يقولُ ابنُ هِشام في مُقَدِّمَتِه: «وأنا إنْ شاءَ اللّه مُبْتَدىءٌ هذا الكتابَ بِذِكْر إسماعيلَ بنِ إبراهيم، ومَنْ وَلَدَ رسولَ اللّه (ص) مِنْ وُلْدِه... وتارِكٌ ذِكْرَ غَيْرِهم مِنْ وُلْد إسماعيل على هذه الجِهَة، للاخْتِصار... إلى حَديثِ سِيرَة رسولِ اللّه (ص)، وتارِكٌ بعْضَ ما ذَكَرَه ابنُ إسحاق في هذا الكتاب، مِمّا ليْسَ لِرسول اللّه (ص) فيهِ ذِكْرٌ، لِما ذَكَرْتُ من الاختِصار...»(١). سَواءٌ أصحَّ هذا الخَبَرُ أم أنّه كان مُجَرّدَ فُكاهَةٍ طريفة لِتَشْوِيق القارئ واسْتِمَالةِ عَطْفِه، فما يُهِمُّنا هوَ أنّ مُخْتَصَرَ ابن هشام كان وما زالَ مُنْطَلَقاً لِعَدَدٍ لا يُحْصَى من سِيَر رسول اللّه(ص). ويعودُ السّبَبُ في ذلك لما تَحلّى به ابنُ هشام من سِعَةٍ في الاطّلاع وأمانَةٍ في سَرْد ما جَمَعَه من الحديث، وكان هذا الحديثُ أقْرَبَ ما يكون من عَهْد رسول اللّه(ص) وسِيرَتِه ومَغازيه وما قامَ به مِنْ فِعْلٍ أو قَوْل. وما يزيدُ في ثِقَتِنا بِفَضْل ابن هشام هو أسلوبُه في الرِّواية. فهو لا يجْهَلُ ما في الحديث المُتَداوَل من الاختِلاف والنَّقْص والتّناقُض أحياناً، فيُحاوِلُ أداءَ حَديثٍ مُوَحّدٍ مُتَناسِق مُتَسَلْسِل، قَدْرَ المستَطاع، ونحنُ نعرِفُ ما في هذا العَمَل من الصّعوبة.عن الطبعة
- نشر سنة 2005
- 378 صفحة
- ISBN 9953211906
- دار رياض الريس للكتب والنشر
تحميل وقراءة الكتاب على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب
360 مشاركة