كل من يثق بالآخرين إلي درجة تركهم يسلبون السلطة منه ويعتقلونه، هو رجل مخطئ!
طوارق
نبذة عن الرواية
من الصعب أن تقرأ رواية “البرتو باكثث فيكيروا” دون أن تصاب بالدهشة و المتعة معاً. فرواية “طوارق” رواية غرائبيبة، ممتزج فيها السحر واللامعقول مع حرارة الواقع. فيها تستعاد التقاليد العربية القديمة، من خلال رجل أسطوري-صياد يطارد عبر هجير الصحراء، وأرض الخواء، والعطش والخوف والموت والتيه والرمال الحارقة، خصوصاً حكوميين يتحكمن من قتلهم واحداً تلو الآخر، جراء قتل أحد ضيوفه في مضارب خيامه وأسر الآخر.التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2022
- 303 صفحة
- [ردمك 13] 9789933484064
- دار ورد للنشر والتوزيع
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من رواية طوارق
مشاركة من Nabawy Abbas
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
شريفة محمد
عبر خطٍّ تَنَبُّئِيٍّ تخطُّه «كلثوم» على رمالِ أرضٍ خُواءِ نسير، ونتساءلُ مع كل خطوةٍ يخطوها الطارقيّ «غزال صيَّاح» إن كانت ستتحققُ نبوءةُ «كلثوم» فيه، فيتجاوز الصحراءَ إلى المدينةِ التي يجهلها بقدر علمِه بالصحراءِ الفسيحةِ الموحشةِ التي توحَّدَ منعزلاً بأهله وخدمه فيها، مدافعًا بعزلته التقدُّمَ المدنيّ المزدحم ببهائمَ بشريةٍ لا تملك العيشَ إلا ضمنَ قطعانٍ حسبَ رأيه في «الساحليين» الذين لا يعدُّون «الطوارق» إلا هوامشَ زرقٍ وقفتِ الفروقاتُ العرقيةُ والثقافيةُ حاجزًا منيعًا بين كليهما.
تكشف رواية «طوارق» اللثام عن «الأماهق» أو «الأمازغ»، السلالة الأسطورية التي لم يتمكن الفرنسيون - طوال زمن احتلالهم لبلادهم - من إرغامهم على إماطة اللثام عن وجوه رجالها الذين كان «غزال صيَّاح» أو «غزال صيّاد» أحدهم، ذلك «الإنموشار» الأصيل، الحر، النبيل، الذي تحترمه الصحراءُ وتهابُه بقدر ما يعرفها حتى ليكاد يحصي رمالها لفرط معرفته بها! هذا مع جهله التام بما يجاوز تخومها، ولا سيما المدينة بحضارتها المادية وماجرياتها التي كان حصول بلاده على الاستقلال من الاحتلال الفرنسي أحدها، فلم يعرف عن تحرر بلاده من الاستعمار إلا بعد عشرين عامًا من حصوله، أو بالأحرى بعد يومين من استضافته «عبد الكبير»، أحدُ مستنصرَيه الَّذَينِ قُتِل أحدُهما، وانتُزِعَ ثانيهما منه عنوةً، ليبدأ رحلةَ الانتقام من الإهانة التي لحقت بـ«الإموشار» الأنوف، المحكوم بسنن أسلافه، والمطارَدَ الخارق الذي لم يعجز أن يتحول في رحلة الانتقام إلى حجرٍ رابضٍ بقفرٍ حارقٍ لا يفكر البتَّةَ، ولا يتذكَّر، ولا يتخيَّل، ويكاد أن لا يتنفس ليتغلَّبَ على القيظِ والظمأ، وعلى حاجته للتبوُّلِ أو التعرُّقِ، بل يتحوَّلُ إلى حرباءَ - إن احتاج إلى الحركة - كي لا يستهلكَ مخزونَه من الماء!
هكذا يأخذنا الكاتب الإسباني «فيكيروا» إلى بقعةٍ بيضاءَ في الخريطةِ، يتفاداها المستعمِر الفرنسي على الرغم من احتلاله لها كما تتفادها الطيور المهاجرة، أرض خواء، نعتلي معه كثبانها الرملية، ونسير على سهوبها، وسباخها، وما بين صخورها، نحذر عشش الحيايا والعقارب ونحن نجوبها، ونحبس أنفاسنا في مطاردات لا تنتهي حتى آخر سطر منها.
أرضٌ قفرٌ تجمعُ مفارقاتٍ قِيَمِيَّةٍ عجيبة، فيحتجبُ رجالها خلف لُثُمِهم، في حين نساؤها سافراتٍ حتى عن رغباتهن في حفلات العزَّاب الأشبه بكار عُهرٍ يرتَدنَهُ مع رجال أجانب رغم الدين الإسلامي السُّنِّي المالكيّ الذي يعتنقونه!
أرضٌ موازينُها مقلوبة، فيُعدُّ ما هو عادلٌ في قوانينها تمردًا ضد السلطة القائمة في قانون الدولة التي تنضوي تحت لوائها!
وظروفُها المناخيةُ القاسيةُ تتأرجحُ في يومٍ واحدٍ بين فصلَينِ متطرفَينِ يتحديانِ الزمنَ وهما يتناوبانِ على شعابِ «الهوايلا» الجحيميةِ الصقيعيةِ! فتجاوزُ درجتُها القصوى في ظهيرتِها الستِّينَ درجة جهنمية، في حين تهبطُ إلى خمسِ درجاتٍ صقيعيةٍ في فجرها!
فضلًا عن منفى «عدوراس» أو «است الشيطان» الذي يعاقَبُ بالعملِ فيها حثالةُ الجنودِ، ولصوصُهم وقتَلَتُهم!
ومن أعجبِ مفارقاتِ الروايةِ العجائبية، يقين «غزال صياد» الراسخ بأن «الإموهاغ» سلالةٌ مختارةٌ من اللهِ، اصطفاها لتتسيَّد أعلى طبقةٍ مجتمعيةٍ من طبقاتِ الطوارقِ الأباةِ النزهاء، لكنَّهُ لم يتردَّدْ في أن يحوِّل دهمائيةً تنتمي إلى طبقةِ «العكليين» الدنيّةِ - الذين ما خُلقوا إلّا ليكونوا خدمًا جبناءَ، ولصوصًا معتدين في اعتقاده - إلى زوجةٍ له! ضاربًا بالفروقات الطبقيَّةِ عرضَ جباهِ المعترضِين من كبارِ «الإموهاغ»!
لكن الكاتب الإسباني لا يتورع برأيي عن تزييفِ تاريخِ «الطوارقِ» الذي يعرفُه معرفةً قديمةً سابرة، إذ استوطن تلك الصحراء مع والده منذ نعومة أظفاره، فيزعم أن انحرافات الطوارق الأخلاقية منسوبة إلى اتّباعهم بوفاء لتعليمات نبينا «محمد» ، كحفلات العزاب التي يجتمع الفتيات والفتيان للعشاء على ضوء الصّلاء فيها، فيتسامرون بالحكايات ويرقصون ويغنون في مجموعات حتى ساعات الفجر الأولى، وفي نهاية العشاء يختفي كل زوجين في العتمة لإرضاء رغباتهم.
-
BookHunter MُHَMَD
نحن في بلد حديث و مستقل. و يجب أن نكون فيه متساوين جميعا. لأنه من غير الممكن قيادته إذا كان كل منا يريد أن يحكم حسب عاداته الخاصة. كيف نوفق بين عادات أناس الساحل مع الجبليين أو البدو و طوارق الصحراء؟ يجب البتر ثم البدء من جديد. إما أن نفرض تشريعا مشتركا للجميع أو نهلك في الحضيض.
هنا لم يتبدل شيء. الصحراء ما زالت نفسها و ستكون على ما هي عليه خلال مائة سنة. لا أحد جاء ليقول لي: خذ ماء أو خذ طعام و ذخيرة و أدوية لأن الفرنسيين قد ذهبوا. لا نستطيع أن نحترم عاداتك لزمن أطول. قوانينك التي تعود لتقاليد أجدادك و أجداد أجدادك. لكن بالمقابل سنعطيك أخرى أفضل. كي تحصل على حياة أسهل في الصحراء. هي من السهولة حتى أنك لن تحتاج إلى هذه العادات.
إن ذلك هو جزء من التركة التي علينا أن نشكر الفرنسيين عليها: مزجونا كبودنج هائل ثم قسمونا إلى قطع صغيرة و جزأونا كما يحلو لهم الأن بعد عشرين عاما نجلس هنا. محاولين بلا جدوى. أن يفهم كل منا الآخر.
الجميع لديهم الأن يخوت و قصور في الريفييرا و أرصدة في بنوك سويسرا مع أننا أقسمنا عندما كنا شبابا و نناضل معا أن نكافح ضد الفساد بذات الروح أن نكافح ضد الفساد بذات الروح التي نكافح بها الفرنسيين. كان القسم أحمق. استطعنا أن نناضل ضد الفرنسيين لأننا مهما حاولنا لن نصبح فرنسيين أبدا. لكن لم يكن من السهل النضال ضد الفساد لأنه بجهد قليل نستطيع أن نتحول إلى فاسدين.
-أنا لست أحمق. أنا طارقي. الفرق بيننا يرتكز على أن الطوارق يطلون على عالمكم. يراقبونه. يفهمونه ثم يبتعدون. أنتم لا تقتربون من عالمنا و أكثر من ذلك أنتم عاجزون عن فهمه و لذا نحن دائما أكثر تفوقا.
وصل إلى نهاية طريقه و كان يعلم ذلك. ذلك البحر تخوم الكون و هدير حنقه. صوت الله يناديه محذرا من أنه تخطى قواه و اقتربت اللحظة لتقديم الحساب على جسامة غطرسته.
ستموت بعيدا عن عالمك. تكهنت له العجوز كلثوم. و لم يفلح في تصور شيء أكثر بعدا عن عالمه مثل حاجز الزبد الأبيض الصاخب الذي يرتفع حانقا أمام عينيه. و لم يتبين في الطرف الأخر منه سوى عمق الليل.
-
Sarah Shahid
الرواية تنقلك إلى الصحراء الإفريقية المغربية حيث يقطن هناك ما يعرف بالطوارق
بطل الرواية الإنموشار غزال صياح من الأماهغ المنحدر من سلالة كيل تالغيموس العريقة والمتمسك بتقاليده الطارقية حتى الموت يجابه جيشاً كاملاً فقط لأن هناك أحداً لم يحترم تلك القوانين وقام بالاعتداء على ضيوف أقاموا في مضاربه فقتل الأول وسجن الآخر
مما دفع بطلنا إلى المضي للانتقام
ينتهي غزال من مهمته بعد أحداث خيالية تكاد لا تصدق ويمضي بضيفه "الرئيس عبد الكبير" عبر أرض الخواء ويعثر على القافلة العظمى ليوصله إلى الحدود
لكن بعد رحلته الشاقة يصدم بأن أفراد عائلته تحولوا لأسرى فيضطر للخروج من الصحراء موطنه وتحل عليه لعنتها حيث تعاكسه الأحداث فيقتل الرئيس الذي أنقذه بعد تبدل بالسلطة لم يكن على علم به
وبعد تأرجح الرواية بين الواقع والخيال يصبح "غزال صياح" نقطة تحول تاريخية
شعرت بالتعاطف مع شعب الطوارق المتمسك بعاداته على الرغم من تأخرها عن موكب القرن العشرين
فالذنب ليس ذنبه
وشعرت بالصدمة حيث لم أكن أتوقع أبداً وجود شعب بهذا الجهل على الرغم من ذكاءه ودهاءه لا يدرك هل تحررت بلاده من الفرنسيين أم لا؟؟
فبلاده هي مضاربه المتنقلة فقط
ولا علم له بشيء خارج حدود الصحراء التي لا تعرف حدوداً
-
A-Ile Self-hallucination
إنّ الصدى الذي حظيت به رواية طوارق للروائي الإسباني ألبرتو باثكث فيكيروا، لدى القارئ العربي، لم يكن معقولاً. وإنّ حالة الانبهار الشديد بالرواية هو ما دفعني لقراءتها بحذرٍ مبالغ به.
يبني فيكيروا عالمه في مكان مجرّد من كل أساليب الحياة المدنيّة، يضعنا منذ البداية داخل صحراء شاسعة، لونٌ أصفرٌ متناهي في المسافة اللامحدودة، تُغطيها سماء النهار الزرقاء، وكحل المساء الداكن كأرواحٍ تائهة. في ذلك العالم البسيط والواضح كطبيعةٍ ملساء ناعمة، يقص علينا فيكيروا حكاية غزال صياح، ذلك الرجل الطوارقي الذي يعيش في إمبراطوريته داخل عمق الصحراء. إمبراطوريته المكونة من أربعة مضارب منسوجة من وبر الجمال، ونصف دزينة من الزرائب، بئر، تسع نخلات، وبضع معز وجمال.
ذلك الرجل الأسطورة، السيد من شعب الأماهغ، الذي يرى بنفسه وبقومه الترفّع عن بقية القبائل الطوارقية الأخرى، والتي ليست سوى خدمٍ لدى الأماهغ. يجد غزال نفسه في داخل معركة مع الآخر دون معرفة أو اهتمام بأسباب حربه تلك، إلا من خلال ما يؤمن هو به. (من دخل مضربي فهو آمن).
تبدأ القصة بلجوء شخصين إلى مضارب غزال، هاربين من الحكومة الديكتاتورية، فيحميهم بأمان إلى ذلك اليوم الذي يُعرَفُ فيه مكانهما، فتُداهم قوة مكونة من الجيش مضارب غزال، فيقتلون الأول ويعتقلون الثاني.
الرجل المُعتقل هو سياسي اشتراكي، يطالب بحكم البلاد لتحقيق العدالة، لكن ذلك لا يهم غزال بشيء. لدى غزال قانون واحد، وهو أن من طلبوا حمايته لم يستطع أن يفعل شيئاً حيالهما، وهو ما أثار غضب الطوارقي وقرر الانتقام.
تبدأ سلسلة من الجرائم، في قتل عناصر من الجيش والضباط، التي يقوم بها غزال من منظوره الشخصي بأنه يريد أن يستعيد كرامته المهدورة. فيصبح الطوارقي هارباً ومطلوباً من الدولة ومن الفرنسيين. ينقذ غزال صيّاح السياسي عبد الكبير من السجن ويطوح به في الصحراء، ثم تقوم الدولة باعتقال زوجة غزال وأبنائه ويطالبون مقايضة غزال أن يُسلّم السياسي مقابل عائلته، وتنتهي القصة بوعد أطلقه غزال بقتل السياسي بعد أن استلم السلطة، فيطلق النار ثلاث مرات عليه ويسقط الطوارقي صريعاً، ويتم نقل عبد الكبير إلى المشفى. بعد أحداث طويلة ومفارقات في الشخصيات استطاع فيكيروا أن يجسدها بمهارة أدبية ولغوية وتحليل فائق الذكاء حقيقة.
إن عمل فيكيروا يحمل دراما عميقة، لكنها الدراما الجليّة التي يختفي ورائها احتفال بطبيعة الشرق، ذلك الاحتفال الاستشراقي، الذي نهلل له للأسف بفرح غامر دون الوقوف على طبيعته الضمنية.
وبعيداً عن مدى صدق ذلك الاستشراق أو باطله، لكننا نجد أنفسنا أمام شخصية يتفاخر بها الشرقي شاء من شاء وأبى من أبى، دون التفكير بعقلانية ذلك السلوك الذي يوصمنا يوماً بعد يوم بالجهل تحت مُسمّيات الشجاعة والكرم، وكأنّ العالم الآخر (خارج المنظومة الشرقية) مُصاب بالجُبن والبخل. ذلك المشهد القطيعي مع العالم الآخر هو ما يزيد الجهل الشرقي دون الوقوف على عمقه.
الطوارقي رجل شجاع، لكنه لا يعترف سوى بقانونه العشائري، فهو لا يؤمن بقانون الآخر، ليس من مبدأ فهم للآخر المُحتل، بل فقط لأنه لا يفهم من العالم سوى عالمه الصحراوي الممتد.
يسرد فيكيروا طبائع الطوارق وعاداتهم وفهمهم إلى العالم من خلال حوارات تأتي مُكمّلاً لفن الرواية، تلك العادات النابعة من الجوهر الإسلامي، ضمن التابوهات المقدسة – كالشرف والشجاعة والكرم والنخوة – تلك الأصالة الصحراوية التي لا تمد إلى أي نوع من التمدّن بصلة، وما يزيد الأمر سوءً هو محاولة فيكيروا الواضحة للدفاع عن تلك الطبائع التي توصم الشرقي بمزيد من الجهل، بصيغة احتفاء أصيل وكأنّ ما يجب أن يكون عليه العالم هو ذاك.
الطوارقي رجل ضحّى بزوجته وعائلته من أجل أن يُدافع عن فكرته. ولا يتوقف الأمر عند غزال صيّاح، بل يتعداه لسرد الجانب الآخر من البشر المتجسد برجال السلطة الموزعين بصحراء عدوراس، البعيدين عن أي حياة طبيعية والمُحتقنين من الحروب والفراغ المحيط بهم. فهم أيضاً شرقيون بامتياز لكنهم يقومون بعملهم مثلما يقوم غزال بعمله.
في مشهد يُغيّر البنية الدرامية للحدث، يقوم السرجنت مالك الحيدري باغتصاب زوجة الطوارقي، فيراه الملازم أول رازمان فيُطلق رصاصة في رأسه فوق الصحراء ويُلقي خطبة الحس الوطني :
الوقت بدأ يحين للتغيير .. الرئيس عبد الكبير استطاع اجتياز الحدود. أطلق النداء الأول للنضال والوحدة الوطنية لمن يرغب بعودة الديمقراطية والحرية. أنا ذاهب للاجتماع به. ما رأيته اليوم أقنعني تماماً، وأنا مستعد لقطع صلتي بالماضي والبدء في النضال معاً إلى جانب الرجل الوحيد الذي أثق به فعلاً.
ذلك المشهد الذي يُبرّر فيه فيكيروا صعود الحس الوطني لدى الجيش، ليس نابعاً من الأفكار المجردة والواعية لمفهوم الوطن بقدر ما هو رد الفعل على العمق الشرقي المُتجسّد بالشرف. فحب الوطن والإيمان بالحرية والديمقراطية لدى رازمان يأتي نتيجة موقف من فكرة الشرف المهدور.
رازمان المتمدّن الذي شاهد العالم لا يختلف عن غزال صياح الصحراوي من حيث المبدأ لدى فيكيروا، كلاهما يتغيران بالعقل والموقف نتيجة العاطفية المفرطة المُختزنة من تعاليم العالم القديم (الديني) أو بمعنى أدق، الموروث الاجتماعي. ومن قام باغتصاب زوجة الطوارقي ليس سوى جزء من ذلك الفهم الشرقي (مالك الحيدري) الساقط أخلاقياً والذي ينال جزاؤه بالموت ويُغيّر مسار البناء الدرامي تجسيداً برازمان.
فكرة العدالة وانتصار الحق بالنهاية ليست سوى فكرة شفافة ورومنسية وكأنّ العالم مثالي إلى تلك الدرجة التي يجب أن يقتنع فيها الإنسان بأنّ ما يجري سيؤدي بالنهاية إلى الخير المطلق. إنها أشبه بفكرة اللاهوت لتسكين ألم الشعوب.
شخوص فيكيروا شرقية عاطفية ومتقلّبة، إنها تفتقد إلى الوعي، وما يُحركها هو الحس الموروث شرقياً.
إننا أمام عمل متكمن أدبياً، لكنه يحمل ما بين سطوره سرداً قطيعياً واحتفالاً بالجهل المقدّس الذي يتفاخر به الشرقي. صراع الشرق مع الشرق، وكأنّ العالم الخارجي بريء من ذلك الجهل.
ما بين سطور فيكيروا تمكين حذر لدفع الشخوص للاستمرار ضمن منهجية العاطفة وفقد الوعي. إنها ترسيخ دقيق لذلك الجهل المقدس الذي مازال الشرقي يراه نجماً متلامعاً في سماءه.
طوارق من الأعمال الإبداعية التي تستحق القراءة لكن بحذر، إنها إحدى الأعمال الاستشراقية القليلة والخطيرة في الأدب العالمي.