نحن في بلد حديث و مستقل. و يجب أن نكون فيه متساوين جميعا. لأنه من غير الممكن قيادته إذا كان كل منا يريد أن يحكم حسب عاداته الخاصة. كيف نوفق بين عادات أناس الساحل مع الجبليين أو البدو و طوارق الصحراء؟ يجب البتر ثم البدء من جديد. إما أن نفرض تشريعا مشتركا للجميع أو نهلك في الحضيض.
هنا لم يتبدل شيء. الصحراء ما زالت نفسها و ستكون على ما هي عليه خلال مائة سنة. لا أحد جاء ليقول لي: خذ ماء أو خذ طعام و ذخيرة و أدوية لأن الفرنسيين قد ذهبوا. لا نستطيع أن نحترم عاداتك لزمن أطول. قوانينك التي تعود لتقاليد أجدادك و أجداد أجدادك. لكن بالمقابل سنعطيك أخرى أفضل. كي تحصل على حياة أسهل في الصحراء. هي من السهولة حتى أنك لن تحتاج إلى هذه العادات.
إن ذلك هو جزء من التركة التي علينا أن نشكر الفرنسيين عليها: مزجونا كبودنج هائل ثم قسمونا إلى قطع صغيرة و جزأونا كما يحلو لهم الأن بعد عشرين عاما نجلس هنا. محاولين بلا جدوى. أن يفهم كل منا الآخر.
الجميع لديهم الأن يخوت و قصور في الريفييرا و أرصدة في بنوك سويسرا مع أننا أقسمنا عندما كنا شبابا و نناضل معا أن نكافح ضد الفساد بذات الروح أن نكافح ضد الفساد بذات الروح التي نكافح بها الفرنسيين. كان القسم أحمق. استطعنا أن نناضل ضد الفرنسيين لأننا مهما حاولنا لن نصبح فرنسيين أبدا. لكن لم يكن من السهل النضال ضد الفساد لأنه بجهد قليل نستطيع أن نتحول إلى فاسدين.
-أنا لست أحمق. أنا طارقي. الفرق بيننا يرتكز على أن الطوارق يطلون على عالمكم. يراقبونه. يفهمونه ثم يبتعدون. أنتم لا تقتربون من عالمنا و أكثر من ذلك أنتم عاجزون عن فهمه و لذا نحن دائما أكثر تفوقا.
وصل إلى نهاية طريقه و كان يعلم ذلك. ذلك البحر تخوم الكون و هدير حنقه. صوت الله يناديه محذرا من أنه تخطى قواه و اقتربت اللحظة لتقديم الحساب على جسامة غطرسته.
ستموت بعيدا عن عالمك. تكهنت له العجوز كلثوم. و لم يفلح في تصور شيء أكثر بعدا عن عالمه مثل حاجز الزبد الأبيض الصاخب الذي يرتفع حانقا أمام عينيه. و لم يتبين في الطرف الأخر منه سوى عمق الليل.