فيدور دوستويفسكي1821
يتمتع الكاتب الروسي فيودور ميخائيلوفيتش دوستويفسكي (1821- 1881) بشهرة عالمية واسعة. وقد ترجمت أعماله إلى العديد من اللغات وأصبحت أفكارها وشخصياتها جزءا من تراث البشرية الروحي. إن أثمن ما في تراثه هو رواياته. وقد اشتهرت في العالم بصفة خاصة روايتا "الجريمة والعقاب" و"الاخوة كارامازوف" اللتان عبرتا بأكمل صورة عن فلسفة الكاتب. بيد أن رواياته الأخرى "مذلون ومهانون" و"الأبله" و"الشياطين" و"المراهق" على جانب كبير من الأهمية والطرافة. كان دوستويفسكي إنسانا أبيا وعنيدا في الدفاع عن معتقداته، وقد ترك ذلك كل بصماته على أعماله. كان فيودور دوستويفسكي يعيش آنذاك في بطرسبورغ حيث تخرج من كلية الهندسة، لكنه لم يلتحق بالوظيفة، إذ لمس في نفسه أنه أديب بالفطرة. وتعرف فيدور دوستويفسكي عن قرب بالناقد الروسي البارز فيساريون بيلينسكي الذي كان يتزعم كوكبة من الأدباء الشبان من أنصار ما يسمى بـ "المدرسة الطبيعية" وهي التسمية التي اصطلح آنذاك على إطلاقها على أدباء الاتجاه الواقعي. ثم توالت بعد رواية "المساكين" أعمال الكاتب الأخرى "المثل"(أو الشبه) و"ربة المنزل"و "الليالي البيضاء" التي كشفت عن جوانب جديدة من موهبته لكنها لم تجلب له اهتمام الناس. ثم تعرف دوستويفسكي بالمثقف الروسي ميخائيل بيتراشيفسكي الذي تجمع حوله اولئك الذين اسرتهم أفكار الفيلوسوف الفرنسي شارل فورييه الاشتراكية ودعواته إلى تغيير المجتمع. وانضم فيودور دوستويفسكي إلى حلقة "زملاء بيتراشيفسكي" الذين اسسوا جماعة شبه سرية. وتمكنت الشرطة من تتبع الجماعة حتى القت القبض على اعضائها في ربيع عام 1849. وحكم على دوستويفسكي بالإعدام، لكنه في آخر لحظة وقبل تنفيذ حكم الإعدام بحقه صدر مرسوم قيصري يقضى باستبدال الإعدام باربعة اعوام من الاعمال الشاقة في مقاطعة اومسك بسيبيريا. وعايش دوستويفسكي عمليا وهو واقف على منصة الإعدام ويتدلى فوق رأسه حبل المشنقة، عايش طقوس تنفيذ حكم الإعدام التي ضلت تلازمه طوال حياته، وقد وصف هذا المشهد الرهيب في روايته "الابله". عاش دوستويفسكي الأعوام الثمانية الأخيرة من حياته في مدينة ستارايا روزا بمحافظة نوفغورود بشمال غرب روسيا. وتعد هذه المرحلة مثمرة في نتاجه الادبي حين أبدع روايات "الشياطين" عام 1872 و"المراهق" عام 1875 و" الاخوة كارامازوف" عام 1880. وذاع صيته في روسيا كلها وخاصة بعد القائه كلمة مشهورة في مراسم افتتاح تمثال الشاعر الروسي العظيم الكسندر بوشكين في موسكو. لكن المجد الحقيقي واكليل الغار نزلا على دوستويفسكي بعد وفاته. واعترف الفيلوسوف الألماني المعروف فريدريك نيتشه ان دوستويفسكي كان بالنسبة له سيكولوجيا وحيدا جديرا بالتعلم منه. يتصارع في عالم دوستويفسكي الفني الرحمن مع الشيطان والخير مع الشر والحقيقة مع الزيف. ومضمار هذا الصراع هو قلب الإنسان على حد تعبيراحدى شخصيات روايتة "الاخوة كارامازوف". توفي الكاتب الروسي الكبير فيودور دوستويفسكي في 11 فبراير/شباط عام 1881 ودفن في كاتدرائية ألكسندر نيفسكي في مدينة بطرسبورغ التي كانت انذاك عاصمة للامبراطورية الروسية. دوستويفسكي كان مصاب بالصرع، واول نوبه اصابته عندما كان عمره 9 سنوات. نوبات الصرع كانت تصيبه على فترات متفرقه في حياته، ويعتقد ان خبرات دوستويفسكي أدت إلى تشكيل ألأسس في وصفه لصرع الأمير " مايشكين " في روايته " الأبلة"، بالإضافه إلى آخرون.
توفي دوستويفسكي في عام 1881, ومشى في جنازته ثلاثون ألف شخص تقريباً, وعم الحزن روسيا كلها.