في الحقيقة، عند كل قراءة لأي كتاب من كتب إبراهيم السكران، فمثلاً كتاب " التأويل الحداثي للتراث" أو " سلطة الثقافة الغالبة" أو مآلات الخطاب المدني" الذي هو عنوان هذه المراجعة، نجد شيئاً مختلفاً، وإطلاع واسع لدى الكاتب، ومعرفة عميقة غير التي اعتدناها عند الذين يكتبون في هذه المسارات...
فالكتاب يركز بشكل كبير، بل محور الكتاب اساساً هو الحضارة، أو الحضارة الغربية، ومعنى الحضارة، والموقف من الحضارة، وسلم الأولويات في أي حضارة..... حيث طرح الكاتب زوايا جديدة – ربما بالنسبة لي- للنظر في أمور كنا نحتار أو نعتقد انها من الحقائق التي لا نقاش بها...!
فالكتاب، يتحدث عن المدنية – بمعناها الغربي الحديث- والتفسير التراثي من هذا المنظور، والاختلاف والشقاق بين الحضارة الاسلامية أو حتى اعتقاد المسلم العادي وبين هذه الحضارات المادية التي لا تقيم وزنا لدين أو خلق أو عادة ... فالمادة هي المعبود عندها....
والأجمل أيضاً، هو بث العزة ورفع الهمم في نفوس المنكسرين لهذه الحضارة، وللأسف فمثل هؤلاء – المنكسرون- كثيرُ في مجتمعاتنا ، نتيجة الآلة الاعلامية التي تلمع صورة الغرب ليلاً نهاراً، وتركز على الإيجابيات دون ذكر السلبيات بالرغم من كثرتها... مما ولد شعور بالنقص والتبعية وحب التقليد عند الشرقين .....
كتاب، يطرح فكر جاد، بوثائق وأدلة ونصوص لا غبار عليها، بحوث رصينة تستند إلى علم وفكر ومعرفة، يعزز الثقة بنفس القارئ، ويجعله ينظر بنظرات مختلفة اتجاه الحضارات التي ربما اعتقد الكمال فيها يوما من الأيام...!