بعدما أنهيت أخر صفحات الرواية شعرتُ بحيرة تامة.. وتفكير مُستمر غير هادئ.. هل انتهت هذه الرواية حقاً؟ كيف؟ ولماذا؟ وأسئلة كثيرة تدور في ذهني.. قررتُ أن أشاهد الفيلم المُقتبس لأجمع أفكاري وألملم شتات ذهني.. ولكن للأسف، لم يُساعدني الفيلم وكان سيئاً.. أو فلنقل أن الرواية أعظم من الفيلم.
رواية "الوعد" للكاتب السويسري "فريدريش دورنمات" هي رواية من الأدب البوليسي والنفسي.. فالمحُقق "متى" كان على وشك أن يُغادر إلى الأردن ليعمل هُناك.. ثم تجعله حادثة قتل لفتاة صغيرة يتردد رغم معرفة القاتل.. ولكنه يشعر بعدم راحة مثلما قال.
فدعنا نقول أن هوسه لمعرفة الحقيقة جعله يُكرس حياته كُلها من أجل معرفة القاتل.. أو حل تلك القضية الرمادية كغُلاف الرواية.
ولكن ما يُميز هذه الرواية ليس الجانب البوليسي الأكثر من رائع فقط.. ولكن الجانب النفسي.. كيف يُمكن أن يصل بك الهوس أن يجعلك تُعرض الأخرين للخطر؟ وبالأخرين هُنا أقصد طفلة صغيرة بريئة لا تفقه شيء.
من أكثر لحظاتي قلقاً تلك اللحظات المريرة التي اختبرتها في محطة الوقود.. مع كُل سيارة تأتي وتذهب.. وكل يوم دراسي وذلك الطريق القصير التي كانت تطول مسافته لنشعر بالقلق أكثر وتُعصر قلوبنا.. ماذا لو لم تسير الخطة كما يجب؟ كُل ذلك القلق لأننا نخاف من وحوش بشرية.. بلا قلوب وبلا رحمة.. نحن البشر أخطر وباء على أنفسنا.
ختاماً..
قد قرأت من قبل رواية "الهامس" للكاتب الأمريكي "أليكس نورث" ووجدت نفسي أقارن بين الروايتين بدون وعي وإرادة.. فكلاهما تقريباً موضوعهما واحد.. جرائم قتل الأطفال.. ولكن طريقة العرض في كل رواية كانت مُميزة.. فالهامس امتازت بوصف دقيق لكل الأحداث.. وهنا الرواية امتازت ببُعد نفسي جديد لم أقرأ مثله من قبل.
يُنصح بها وبشدة.