صحيح أنه يعرف تأثير الشرطة، كسلطة حاضرة في تماس مباشر مع حياة الناس، لكنه لم يتخيل أن تكون قد تغلغلت إلى الوجدان الأخلاقي لهم، بحيث تضطرهم لتكبد كل تلك الوسائل، من أجل اكتساب رضا ضابط مجهول
أرض الكلام
نبذة عن الرواية
اضطروا للانتظار على الرصيف أكثر من ساعتين. أكلوا فلافل ومخللات، وتركوا حصة ابن مالك ملفوفة في ورق الجرائد. أما الصورتان اللتان جاء بهما، فقد كانتا من حجم واحد. يظهر عبد الناصر في الأولى، وهو ينظر إلى اليسار، وقد ارتسمت ابتسامة عريضة على شفتيه، أما في الثانية فيمشي بالطول الكامل، وحيداً، وضاحكاً، وهو يخطو برجله اليمنى إلى الأمام ويرفع اليسرى قليلاً، استعداداً للمتابعة. كان واضحاً أنها التقطت على أساس عاطفي، وقد حاول المصور فيها أن يجسد بالأحماض والعدسة، تلك العلاقة التي تربط القائد بالناس. فمن الواضح، أنه يسير نحوهم، وأنهم يحتشدون خلف الورق الأبيض المقوى (فيما بعد سوف تتحول مشية عبد الناصر المرتجلة وضحكته البيضاء إلى نموذج يسحر شباب السماقيات الذين سيأتون إلى نازي حطاب، ليستخدم أقصى طاقاته الفنية من أجل التقاط الصور لهم، وهم ينفذون تلك المشية الرئاسية السامية، قال حليم لابن مالك: "كثر خيرك، كنا تبهدلنا لولاك". فشعر ابن مالك بالاعتذار، لا لأنه أنقذ اللجنة من ورطة فقط، وإنما لشعوره بالقرابة مع الرئيس فلم يعنه في يوم من الأيام، الخداع والرياء اللذان يظهرهما كثيرون في حبه، لأن ميثاقه الشخصي معه مكتوب بلغة تشبه رباط المشيمة. "أنا أحبك" همس من أعماقه للوجه الحنطي. (في تلك الليلة، حلم أنهما وقفا معاً أمام كاميرا نازي، وكان شعر الرئيس أسود كالليل، وحين التفتا إلى اليمين، رفعا أيديهما لتحية الناس. ثم رآه يلقي كلمة، وهو بالزي العسكري أمام حشود كالنحل، تهتف وتهلل وترفع الأيدي. وهو يقول: أيها الأخوة المواطنون، رأى نفسه جالساً في السيارة المكشوفة قربه، وحين حملوها انقلبت، فاستيقظ، وصار يقول: "خير إن شاء الله"." . . يحمل الروائي ممدوح عزام روايته تلك أحلام وآمال ومأساة جيل الخمسينات، من ذروة الفرجة بالوحدة بانتصار الإنسان العربي برئيس حمل أحلامهم وجعله تحقيقها عهداً على نفسه. تتداخل الأحداث الحياتية لشخصيات الرواية بالأحداث السياسية التي رافقت فترة الخمسينات، قصص عاطفية ومشاكل شخصية واجتماعية تزخر بها الرواية ليقدم الروائي من خلالها صورة صادقة لمجتمع "السماقيات" في تلك الفترة. . . "في هذه الرواية، يُتابع عزّام الحفر والتنقيب في تاريخ وحياة الجنوب السوريّ، الذي دارت فيه كل رواياته، وذلك من خلال سنة عاصفة من حياة هذه المنطقة، بين عامي 1959- 1960، خلال الوحدة التي كانت قائمة بين مصر وسوريا، ما يضعنا إزاء قراءة شاملة وواسعة لتلك المرحلة التاريخيّة المضطّربة" "ما يُميّز روايات السوري ممدوح عزّام هذه هو تقنياته السردية التي تخلق شكلًا يساوي قوة المضمون" ألترا صوت . . "الرواية تنطوي على أفكار ومقولات عدة وتزخر بتجارب إنسانية غنية. وربما تشكل اختزالاً سردياً لتجربة الكاتب ذاته. هي أشبه بنوع من الحنين إلى ماض يعبر عن نفسه عبر الكلام المتدفق المكتوب بنبرة الحزن والأسى" "يمكن تأويل الرواية على أنها استعادة لمرحلة زاخرة بالشعارات، والأحلام وسط المجاعات، والسجون، والخيانات...وهي مكتوبة بلغة تطغى عليها الغنائية، والنبرة الوجدانية حيناً، ويغلب عليها الطابع الفلسفي الوجودي حيناً آخر، وتنحو في أحيان أخرى، باتجاه الشفافية والشاعرية، وهي في مختلف هذه التنويعات تسعى إلى رصد لحظات حارة سكنت أروقة الروح التي لا تعلم ما تريد سوى أنها تسهب في البوح وكأنها تتغلب بالكلام على هزائم شهدتها أرض لا تقوى على البقاء والحضور سوى بالكلام." الحياةالتصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2018
- 208 صفحة
- [ردمك 13] 9789933540432
- دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاب مجّانًا
159 مشاركة
اقتباسات من رواية أرض الكلام
مشاركة من zahra mansour
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
almusleh
المعرفة والنقد إذًا هما المحور أو الناظم الذي تتموضع حولهما أحداث "أرض الكلام". ولكن معرفة ماذا، ونقد من؟ يحيل سؤال المعرفة على الفهم، وعلى نحوٍ أدق على فهم طبيعة النسق الثقافي الذي أفضى إلى نشوء تلك الوحدة، كما على طبيعة الأيديولوجيات أو العقائد التي تتصارع السيادة في إطار ذلك النسق عبر أداته التنفيذية أو السلطوية الممثلة بالدولة الحديثة. أما عن النسق الثقافي المهيمن ذاته، فهو سابق على أية تصورات أيديولوجية لاحقة، حين نعثر عليه راسخًا في التصور العربي القديم لمفهوم القبيلة، الذي يتعامل مع المجتمع أو مجموعه أفراده كجسد واحد، يفتقر كل عضو من أعضائه إلى الفاعلية أو الإبداع ما لم يتم تفعليه أو توجيه من قبل العضو الرئيس أو الأساس المتمثل بزعيم القبيلة أو شيخها.