منذ فترة كنت أقرأ كتاب لكولن ويلسون يُدعى "التاريخ الإجرامي للجنس البشري"، (لم أنهيه بعد) تحدث فيه عن إحدى أعتى المجرمين الذين عرفهم التاريخ، وكان من بين ما ذكره عنه أنه تأثر بشكل كبير بالماركيز دوساد وروايته "جوستين"
تسائلت وقتها هل من الممكن أن تؤثر رواية في شخص ما لدرجة أن يتحول لمجرم؟!
ولم أكن أعرف من هو الماركيز دوساد، فلم يصادفني شيئًا عنه من قبل
وبدأت رحلة الفضول، او بمعنى أصح بعد قراءة هذه الرواية اسميها لعنة الفضول ..!!
حصلت على نسخة ورقية بالصدفة، فتذكرت ماقاله كولن ويلسون عنها، فقرأت ماكُتب على ظهر الغلاف
«هذه واحدة من اكبر الروايات الممنوعة على مدار الأزمنة. يُعتبر مؤلفها، المركيز دو ساد، من أكثر الكتّاب الملعونين في التاريخ، حيث يوسم بأنه منحرف، إباحيّ، منتهك للفضلية، ومجنون»
لم ينته الفضول فأكملت، ولكنني تخطيت المقدمة لأقرأها بعد قراءة الرواية كما تعودت في الفترات الأخيرة لأتجنب ما يفعله المترجمين من تدمير للعمل في مقدمته، وربما لو قرأت وقتها المقدمة أولًا لما تجرأت على أن أكملها
المركيز دوساد الشخصية الأكثر إنحرافًا، فسمي المرض النفسي بإسمه "السادية"
كتب دساد روايته جوستين وهو وفي السجن، فقد سجن أكثر من مرة بسبب انحراف سلوكه
فجاءت هذه الرواية الغريبة لتجسد كل إنحرافاته
الرواية عن أختين مات عنهم والدهم، فاختارت كل منهم طريقها بعد ان وجدوا صعوبة في الحياة
فالأولى اختارت طريق الرذيلة واعتبرته الوسيلة الوحيدة لتستطيع ان تعيش ولم ياتي ذكرها في الأحداث بعد افتراقها عن اختها إلا في النهايات
فالقصة كلها مع جوستين التي اختارت طريق الفضيلة
فتبدأ االاحداث معها فتقع في كل ما قد تتخيله او لا تتخيله من شخصيات سيئة، سادية
لا ادري لماذا عرضها لكل هذا ؟
فكما قلنا اولًا بما انه حاول ان يفرغ كل طاقته الإنحرافية في السجن في هذه الرواية
ومن جهة اخرى اختيار جوستين للفضيلة، هل أراد ان يوصل رسالة مفادها بأن الفضيلة لا تنفع وهذا جراء اختيارها؟ وربما تلك النهاية الهزلية بموتها بصاعقة تؤكد هذا الخيار
ام اراد ان يقول ان طريق الفضيلة ليس سهلًا، وهذا ما كتبه في التعليق الغريب المتواجد في اخر صفحة من الرواية والذي جاء فيه ان يحاول ان يقنع القارئ ان السعادة في حضن الفضيلة، ولكن الأحداث لم تظهر هذا الأمر نهائيًا
تظهر الرواية ان دوساد على قدر من الثقافة ايضًا فنجده يذكر امثلة مختلفة من التاريخ، ويذكر وأد البنات في قريش قديمًا
كما له فلسفة غريبة ويدافع عنها عن طريق شخصياته السادية، وعلى الرغم من اشمئزازي من الاحداث والتفاصيل، إلا أن الحوارات كانت قوية جدًا بين جوستين وبين تلك الشخصيات التي قابلتها في رحلتها المؤلمة
دوساد كتب رواية ادبية نعم ولكنها تخطت حدود الجنون ..
10 / 12 / 2015