أنا الموقع أدناه أعترف أنني أجد متعة كبيرة في شراء الكتب، بل إنني كثيراً ما أدخل المكتبة دون أن أحدد اسم الكتاب الذي سأشتريه. نعم أدخل إلى مكتبة بنية التسوق. وأحياناً أدخل إلى المكتبة لشراء كتاب فاشتري كتاباً آخر لم أخطط له. وبنية التسوق أمضي ساعة وساعتين في مكتبة واحدة، وقد أقع أسير حيرة الاختيار بين كتابين عندما تقرر الميزانية ضرورة ذلك. فأقوم بتقليب الكتابين وتمحيصهما جيداً كي أجد مبرراً لتفضيل كتاب على آخر .
يوم السبت، عندما دخلت المكتبة الأهلية مع الصديق أشرف ريحان لم أضطر للحيرة كثيراً فقد كنت مخيّراً بين رواية "في قبوي" لدستويفيسكي وكتاب "أنا الموقع أدناه محمود درويش"، وبالرغم من أن صاحبة الكتاب الأخير إيفانا مرشليان قد كتبت على لسان درويش -على الغلاف- أن هذا الكتاب "هديتي ومفاجأتي على يدكِ" إلا أنني كنتُ سأختار هدية الرفيق الروسي لو أنها بترجمة سامي الدروبي. وعندما قرأت اسم مترجم آخر قبلت بهدية درويش لاكتشف الخدعة:
فالكاتبة قدمت الكتاب على أنه حوار أجرته مع درويش وطلب منها نشره في كتاب بعد خمس سنوات على وفاته ليكون مفاجأة لجماهيره . لكنك تكتشف أن الحوار قديم وقد سبق نشره في المجلة التي تعمل بها الكاتبة. والكتاب الذي جاء في 132 صفحة من الورق الفاخر الذي تشتهر به دار الساقي يشكل الحوار خمساً وثلاثين صفحة فقط. وتكرر الكاتبة نشر الحوار بخط يد الشاعر، كما أدخلت عشر صور لدرويش نهوت بهن بالتالي "صور تنشر للمرة الأولى" وهي صور عادية شاهدنا الكثير مثلها لدرويش.
بقي ستون صفحة قدمت بها الكاتبة للأجواء واللقاءات التي سبقت إنجاز الحوار. تتكلم فيهن الكاتبة عن بداية تعرفها إلى درويش وكيف دخلت إلى بيته ونشأت بينهما صداقة ودعاها إلى العشاء في مطعم صيني، وعما قال وفعل. كل هذا قدمته الكاتبة بأسلوب لا يخلو من التشويق لكنه يخلو من الفائدة... حتى أسئلة الحوار غبية ورومانسية ودرويش يلمّح لذلك في إجاباته. كما أن حوارات درويش الشفوية معها في الستين صفحة تبدو غريبة؛ فدرويش طوال الوقت يتكلم اللبنانية (لا أعرف إن كانت لهجة شمال فلسطين تشبه اللبنانية) وأما اللبنانية فكانت تحدثه بالفصيحة !
ملاحظة: أعتقد أن درويش أراد مجاملة صحفية لبنانية جميلة بإجراء الحوار والتفكير بالكتاب لكنها عرفت كيف توظف ذلك بنكهة مستغانمية (نسبة إلى أحلام مستغانمي) وأنا واثق أنها لن تكتفي بذلك بل ستصدر رواية تتحدث فيها عن علاقتها مع درويش ...وستتحول الصداقة إلى حب . وذلك لايهمني ... ما يهم أنني أعترف أنا الموقع أدناه ربيع محمود ربيع أنه قد نُصب علي !