مذكرات فرح بهلوي

الكتاب أتاح لي معرفة وجهة نظر أسرة شاه إيران الذي اطاح به الخميني بثورته في 1979 وهذا أمر لم يتوفر لي من قبل. بالرغم من شعوري بأن الشهبانه تروي بعض الأحداث بسذاجة مصطنعة أحياناً وهي تبرأ نظام زوجها من تقريباً أي خطأ لكن بالمقابل لا يمكن إلا التفكير في عشرات الأسماء التي تم إعدامها أو تصفيتها بالاغتيال بعد تمكن الثورة من مفاصل الأمر في إيران.

بكل تأكيد هذه المذكرات تعطي صورة لإيران مغايرة جداً عما نراه اليوم وتظهر جانب لم يعد موجود من الود في العلاقات بين دولة الشاه والدول العربية.

الكتاب رقم 44/2023

مذكرات فرح بهلوي Emperess Farah Pahlavi

امبرطورة ايران وزوجة الشاه Shahbanou of Iran

"الطير الذى استشهد.. يتذكر رحلته" الشاعرة الايرانية فروغه فروغزاده

"عندما أتذكر ذلك الصباح من يناير 1979 يعاودني نفس إحساس الحزن الموجع بكل حدته. كانت طهران تعاني هجوما ضاريا منذ شهور، لكن صمتا متوترا يخيم الآن على المدينة كما لو أن عاصمة بلدنا تحبس أنفاسها فجأة. اليوم السادس عشر من الشهر، ونحن على وشك مغادرة بلدنا".

من خلال 400 صفحة هي عدد صفحات الكتاب وقراءة ثانية حيث قرء عام 2019 تمت قراءة الكتاب كنت قد بدئت قبل اسبوعين قراءة الكترونية بالتزامن مع قراءة كتاب "سقوط السماء" للكاتب اندرو اس كوبر قراءة ورقية حيث انني اردت فهم دور الشهبانو في الملعب السياسي الايراني بصفتها شاهدة على زوال الامبرطورية وسقوط الشاه

هنا نحن نتحدث عن سيرة ذاتية شهدت على فترة مهمة بدئت من 21/12/1959 واستمرت الى تاريخ 27/07/1980 في القاهرة حيث تم نفي الشاه بعد سقوط الامرطورية بتاريخ 16/01/1979 فهي سيرة مزدوجة بين احداث الشخصية الخاصة والعامة فهي ليست سيرة عادية بل سيرة لاحداث حقيقية عاشتها الامبرطورة بكافة جوارحها .

يتكون الكتاب من خمسة فصول حيث تحدثت عن كل مرحلة بحقها من فرح الطفلة الصغيرة الى الامبرطورة فرح او الشهبانو واخيرا المراة التي تعمل على الوقوف مع زوجها في ازمته.

1. بشرى صغيرة من الخادمة ربما قرئت في عيون طفلة مستقبل عجيب ، فخلال (طقس الحمام) كانت امرأة تدعى توبا تغني لها كي لا تبكي أثناء الاستحمام "لن تتزوجي أي شخص، وإذا جاء الشاه مع جيشه ووزيره ليسأل عنك، فربما نعطيك له، وربما لا".

2. فتاة شابة تعيش الحياة بكافة تفاصيلها من مدرسة وعائلة وطبيعة جميلة كطبيعة ايران مع الحزن الدفين لموت الاب لانها فتاة من اسرة عادية بسيطة السلطة فيها للاب او الجد ذات طابع ديني وهو اساسي عند العائلات الايرانية لكنها كانت فتاة غير عادية .

3. مثل كل الشباب الايراني ومع صعود الايدلوجيات الشيوعية الراسمالية كان لفرح ايضا نصيب فالشاة كان قد طلق الامرطورة فوزية ويستعد للطلاق الثاني ورئيس وزرائه محمد مصدق يستعد ليكون حاكما للبلاد فهو رئيس الوزراء الذي سيلعب دورا مهما في السياسة وخاصة بعد احداث دامية خاضتها البلاد حيث اجبر الشاه على الهروب والتخلي عن العرش لولا مساعدة امريكيا وتؤكد فرح انها كانت داعمة للشاه في كل مراحل هذه المواجهة هي وعائلتها.

4. كان تقليد ارسال الفتيات للدراسة خارج البلد تقليدا غريبا لكن عائلة فرح لم تكن عائلة تقليدية لذلك كانت باريس وجهتها لدراسة الهندسة و كان اللقاء بالشاه حينما زار كلية الهندسة التى كانت تدرس بها فى فرنسا، كان لإطلالتها وقع السحر عليه، وهو ما تقول عنه: «بعد ذلك اللقاء عدت لإيران، وقابلت الشاه أكثر من مرة، حتى كان يوم دعانى فيه لعشاء فى بيت ابنته من زوجته الأولى، الأميرة شاهيناز حيث اعترف الشاه ان زواجه من فرح كان من اجل البلاد اولا وايضا ليكسب ابنته لانها كانت على علاقة غير جيدة بالزوجة الثانية .

5. تزوجت فرح بالشاه فى ٢١ ديسمبر من العام ١٩٥٩، لتكون زوجته الثالثة بعد الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق، ملك مصر السابق، وزوجته الثانية ثريا أصفنديارى التى طلقها فى العام ١٩٥٨ لعدم قدرتها على الإنجاب فى الوقت الذى أعلن فيه عن حاجته لولى عهد يخلفه على العرش، وهو ما تحقق على يد الشهبانو فرح التى أنجبت للشاه أربعة أبناء هم بالترتيب: ولى العهد رضا وفرحناز وعلي وليلى .

6. فى مذكراتها لا تتحدث فرح ديبا عن علاقتها بزوجها فحسب، ولكنها ترصد المناخ العام الذى كانت إيران تعيش فيه منذ سنوات بعيدة حتى من قبل تولى زوجها سدة الحكم، مؤكدة أن إيران كانت جزءاً من منطقة الشرق الأوسط، التى كانت تعيش على صفيح ساخن تتجاذب فيه قوى الاستعمار، ورموز الحكم الملكية والجمهورية، أطراف القوة والتأثيرولا نغفل كذلك عن الدور الاجتماعي العام لها، فهي لم تكن تمثل الصورة التقليدية للملكة ولكنها اهتمت بالعمل العام والطفل والمرأة والفقراء في حدود الواقع آنذاك والظروف المتاحة بالإضافة إلى مهرجان شيراز وغيرها من الفعاليات، وتناولها محطات وأحداث بارزة في خلال حقبة الستينيات والسبعينيات كحفل تتويجها، واحتفال بلادها بذكرى مرور 25 قرنا على تأسيس الإمبراطورية الفارسية التي دعى إليها زوجهُا الشاه رؤساءَ وملوكَ العالم آنذاك وكانت سبب السقوط واختفاء العرش حيث سمي الحفل بحفل القرن .

7. ناقش الكتاب العديد من القضايا التي كانت تشغل الشارع الايراني مثل تاميم النفط ، ومنع بريطانيا من التدخل بالشان الايراني ، بقرار من البرلمان الإيرانى عام ١٩٥١ وبإيعاز من قائد المعارضة دكتور مصدق المدعوم من أمريكا، الذى تولى رئاسة وزراء إيران بعد شهر واحد من قرار التأميم الذى كان يعنى ببساطة إغلاق شركة البترول البريطانية الإيرانية، التى كانت وجهاً مميزاً للتواجد الإنجليزى فى المنطقة وكانت امريكيا هي المحرض الاكبر للاطاحة برئيس الوزراء لانه استولى على الحكم واجبر الشاه على الهرب مع زوجته ثريا الى روما ، لتعمل امريكيا التي ارادت الحضور القوي في المنطقة على ارجاع الشاه ووضعرئيس الوزراء تحت الاقامة الجبرية عام 1953 يوم 18/08 هو يوم الراسمالية في ايران ضد الشيوعية .

8. تعرض الشاه الى اكثر من محاولة اغتيال من قبل التيار الاسلامي والشيوعي مثل حزب تودة الشيوعي وانصار اية الله م ومنها محاولة جرت وقائعها فى ٤ فبراير عام ١٩٤٩، عند زيارته جامعة طهران، ليظهر أن من اطلق النار احد أعضاء حزب «توده» الشيوعى المحظور والموالى للاتحاد السوفيتى.

9. في القسم الثالث من الكتاب او الفصل الرابع بداية السقوط اظهرت الشهبانو مدى محبتها للشاه فهى تشير فى مذكراتها إلى إخفائه قصة مرضه بالسرطان خلال سنوات عمره الأخيرة حتى عنها وهى زوجته ومحبوبته، وهو ما تراه حالة نادرة من الإخلاص فى الحب والتفانى فى شخص الحبيب بشكل يجعلك تخفى عنه كل ما يزعجه حتى آلامك.

لكن قصة المرض تلك لم تكن خافية عن أعين المخابرات الأمريكية التى كان شاه إيران يستمد من علاقته بها قوة يدعم بها حكمه داخل إيران وخارجها. إلا أن تلك العلاقة شابتها حالة من التوتر بين الجانبين فى أعقاب تولى جيمى كارتر المرشح الديمقراطى، الحكم فى أمريكا الذى لم يدرك الشاه كيفية التعامل معه وهو من ألف التعامل مع الجمهوريين ممن سبقوه.

10. تحدثت الشبانو عن الايام الاخيرة قبل ان يتنازل زوجها عن العرش بسبب التظاهرات التي تأججت في سنواتهم الأخيرة في إيران، وكيف شلت الاضرابات اقتصاد البلاد، ووقع الهتافات العالية التي كانت تنادي بالموت للشاه، ما استدعى تغيير حكومات، وإعلان أحكام عرفية، لكن من دون جدوى، واتخذ الشاه قراره الصعب «كان مجهداً، فقد اتخذ القرار الحاسم بمغادرة البلاد لفترة، .

11. وهبطت طائرة الشاه كما تروي فرح في القسم الرابع من كتابها عصر 16 يناير 1979 في أسوان (أقصى جنوب مصر)، وكان الرئيس المصري الراحل أنور السادات وزوجته في استقبال الشاه وفرح اللذين انتقلا بعد نحو أسبوع إلى المغرب، وعملا بعد ذلك على تدبير منفى جديد كي لا يتسببا بحرج للمغرب، وترفض فرنسا لجوء الشاه إليها وكذلك أميركا، ويكون البديل جزر الباهاما التي استقبلته ثلاثة أشهر، تقول فرح «كانت لدينا علاقات مع معظم بلدان العالم بعضها علاقات وثيقة وعلاقات صداقة، والآن يديرون جميعهم ظهورهم لنا ،وتكون محطة الشتات الجديدة بعد الباهاما جنوب المكسيك، وبعدها تتدهور صحة الشاه، ما يتطلب جراحة في أميركا، وينتقل بعدها إلى بنما، ثم إلى مصر حيث رحل وشيعت جنازته في 29 من يوليو 1980 بعد يومين من وفاته.

12. تحدثت عن أياماً عصيبة عاشتها الأسرة جميعها بعد رحيله، وكيف قام ولده رضا عقب بلوغه سن الـ20 بخلافة والده، والتنسيق بين جماعات إيرانية في بلدان مختلفة، وانتقل بعد ذلك إلى المغرب، فيما استقرت فرح والأسرة في أميركا، وتكون خاتمة فصول مأساة فرح مع موت ليلى، أصغر الأبناء التي أصيبت بمرض نفسي ظلت تعاني منه إلى أن ماتت في يوليو ،2001 وإن كانت فرح لم تفصّل أسباب ذلك المرض، ولا السبب الحقيقي الذي ماتت بسببه ابنتها.‏

المذكرات اوضحت لي ايران التي لم تعد هي ذاتها اختلاف كبير مما هي عليه الان تبدل وانقلاب

ان تكون شكل شيء ثم لا شي هو بحد ذاته كارثه

رغم احساسي بان الكتاب لم يصف الا حقيقة من وجهة نظر واحد الا انه وضح لي الكثير من الامور التي طالما فكرت بها