هذا الكتاب كان فاتحاً لعينيّ على حقائق لم أكن أعلم عن خبرها شيئاً، ومصححاً لمفاهيم كنت قد أخطأت في اعتقادي بها مسبقاً.
عمل محقق الكتاب في هذه الطبعة - طبعة دار القلم - كل جهده على إخراج هذا الكتاب بأفضل صورة ممكنة، وقد نجح في ذلك تماماً.
فالمقدمة التي أورد فيها نبذة عن حياة السلطان وتلخيصاً لأهم الأحداث التي عاصرها، ما كان القارئ غير المتمرس ليفهم شيئاً من أحداث هذه المذكرات لولاها.
كما أن الحقائق والشهادات والمصادقات التي ذكرت في الهوامش في أسفل كل صفحة تقريباً، كان لها أثر كبير في تعزيز مصداقية ما ورد في المذكرات، وساعدت على الإلمام بجوانب القصة من جميع أبعادها، ومعرفة آراء ووجهات نظر الأطراف الأخرى ( الصديقة للسلطان منها والمعادية ) و المساهِمة في الأحداث المذكورة أو المتابِعة عن بعد.
بالإضافة لترجمة في آخر الكتاب لكل شخصية ورد اسمها وكان هذا ذا أهمية للقارئ أيضاً.
النصف الأول من المذكرات كان فيه بعض الملل بالنسبة إلي ، بسبب بعض من الأحداث التي لم تعنِ لي كثيراً لعدم درايتي بتفاصيل أحداثها و شخوصها.
أما النصف الثاني فكان رائعاً في السرد، مروعاً في التفاصيل. توقفت عن القراءة عدة مرات لفرط إزعاجي وحزني لما آلت إليه الأحداث والبلاد والأمة.
انتهى الكتاب وخيالي مازال عالقاً في تفاصيل خاتمته الحزينة، والتي أظن أنها أفضل ما قد تختم به المذكرات، فما بعد تلك المأساة لا شيء يستدعي الاستمرار في الكتابة عن الحياة التي لم يتبق من آثارها شيء. وأختم مراجعتي بكلمات من خاتمته: " سجدت والدموع تسيل دماً من مآقيّ حتى الصباح، أحترق قائلاً: ليس لدينا إلا الإيمان بك ياربي.
فلقد كانت جنودنا على كل الحدود ممزقة مبعثرة بين انسحاب وهزيمة ولا يستطيع خلاصنا إلا الله.
وإذا لم تنقذنا -ياربي- فلا ترينّي اللهم أياماً أسوأ من هذا الموت.. وهذا آخر توسلاتي."