"المدخل" فخم، يأخذ بيدك للدخول لعالم الكاتب ، لايجعلك تقف مترددا، ومن ثم يليه "تراحيب" وهو إضافة جميلة ، هو احتفاء الكاتب بالقارئ، احتفاء جميل يعطيك شعورا بالترحيب بك في عالمه وكأن السطور التي كتبها بيته و وعيك كقارئ هو الضيف ، فكما أحسن الترحيب أحسن أنت الاستقبال ، و يالها من حفاوة.
اللغة منسابة للوعي والذائقة كانسياب الماء العذب في جوف العطِش، جميلة كأغنية طربية تتمايل حين سماعها ، ولاتملك نفسك حين تقول "الله"، وهكذا تكون غالبا لغة الحنين.
وصف العمل الأدبي في غلاف الكتاب ليس بدقيق ، حيث تم وصفه ب "رواية" وهو ليس كذلك أبدا، هو سيرة ذاتية أخذ فيها الكاتب دور الراوي.
السيرة تجعلك ترى عن قرب عادات تلك القبيلة التي تسكن إحدى قرى الجنوب ، تراها بعيني طفل و وعي راشد ، ذلك الراشد لم يسمح للطفل سوى أن ينقل كل ماهو جميل ، أو على الأقل يضفي جمالا على الحدث ولو كان عاديا أو غريباً!
هذه السيرة ليست مجرد احتفاء بالمكان أو وصف للعادات فحسب ، إنما هي احتفاء بالمرأة، التي تجد فيها القوة .. الأنفة .. الإباء مثل الرجل و أكثر.
السيرة مغرقة بالتمجيد ، التمجيد لكل مايخص القرية .. الأهل .. الماضي ، ربما هذا التمجيد مبعثه الحنين الذي تسبب به البعد، بعد الكاتب عن دياره و أهله، و في البعد يبدو كل شيء جميلاً ، حتى التراب الذي كان يمشي عليه كل يوم باتت له قيمة غالية جدا ، ربما لم يشعر بها حينما كان هناك.
كان حزام حاضرا في السيرة ، ورغم وجوده الدائم لم أشعر حقاً بثقله، السيرة تدور حول الراوي .. حياته ، مشاعره ، علاقته بأهله و القرية ، و حزام كان جزءا من ذلك ، تأثيره لم يفُق تأثير والدة الكاتب فلِمَ سُمِّيَت السيرة باسمه؟
أخيرا .. هذه السيرة جميلة ، مفعمة بالحياة التي ترقص على أنغام المحبة ، ألم يقل " كُنّا نغني لترقص الحياة"؟
خارج النص:
كُتِب على غلاف الكتاب "أول كاتب من الجزيرة العربية يكتب عملا إبداعيا باللغة الفرنسية" هذه المعلومة ليست دقيقة حيث سبقه حبيب عبدالرب سروري بسنتين في روايته "الملكة المغدورة" والتي كتبها باللغة الفرنسية و نُشِرت عام ١٩٩٨م