روت لي أمي يومًا أن قريتنا كانت في البدء أغنية فريدة، تمامًا كالشمس والقمر، وأن الكلمات التي يمنحها الناس طاقة شعرية تطير كالفراشات، بعضها الأكثر غنى لونيًا والأكثر جمالاً تطير بخفّة لا مثيل لها، ولأن قريتنا هي بالتأكيد الأقرب إلى السماء، فإن هذه الكلمات الشعرية تجد فيها أفضل مكان للتباهي بمكنوناتها، ولكي تضيء العالم
الحزام
نبذة عن الرواية
لكن-قال حزام بمرارة-لقد ولّى ذلك الزمان البهي، ولم يعد من أحد سواي يحمل روح القرية ويقينها، لكنّي بدوري سأموت، وليس بعدي سواك يا روحي ويقيني". أحمد أبو دهمان هو ذا يحمل روح القرية ويقينها، متفاخراً، بها، يكتب لها وفيها أحلى الكلام، وليراها الفرنسيون بعينه كتبها بلغتهم، فكان هذا الكتاب الذي حمل في طياته هوية كاتبه، ذاك الذي ولد فعلاً في قرية آل خلف الواقعة على قمم جبال السروات، في جنوب المملكة العربية السعودية. كتب "حزام" الذي لن يراه أحد وكتب "حزام" الذي لن يقرأ حزام. هل كان يكفي غياب حزام وغياب معظم المعنيين بهذا النص لكي ما يكتب أحمد أبو دهمان بلغة غير لغتهم؟ لا، لأن حزام أورثه ذاكرته، ذاكرة القرية، لذا كان عليه العثور على ذاكرة تحمله الاثنين معا. واختار لذلك ذاكرة امرأة، ذاكرة أمه وروحها، ابنتيه، وزوجته. وما أن صدر "الحزام" بالفرنسية الذي هو أول كتاب لكاتب من الجزيرة العربية يكتب عملاً إبداعياً باللغة الفرنسية، ما إن صدر هذا الكتاب حتى اكتشف أحمد بودهمان أن له، ولأبناء قريته أهلاً في كل مكان، وأن آخرين لا يعرفهم سينقلونه إلى لغاتهم، لكن أكثر التراحيب ألفة وحميمية ما قالته قارئة من المغرب العربي "هذه ذاكرتنا ردت إلينا".التصنيف
عن الطبعة
- نشر سنة 2010
- 136 صفحة
- دار الساقي للطباعة والنشر
تحميل وقراءة الرواية على تطبيق أبجد
تحميل الكتاباقتباسات من رواية الحزام
مشاركة من إبراهيم عادل
كل الاقتباساتمراجعات
كن أول من يراجع الكتاب
-
أروى الجفري
"المدخل" فخم، يأخذ بيدك للدخول لعالم الكاتب ، لايجعلك تقف مترددا، ومن ثم يليه "تراحيب" وهو إضافة جميلة ، هو احتفاء الكاتب بالقارئ، احتفاء جميل يعطيك شعورا بالترحيب بك في عالمه وكأن السطور التي كتبها بيته و وعيك كقارئ هو الضيف ، فكما أحسن الترحيب أحسن أنت الاستقبال ، و يالها من حفاوة.
اللغة منسابة للوعي والذائقة كانسياب الماء العذب في جوف العطِش، جميلة كأغنية طربية تتمايل حين سماعها ، ولاتملك نفسك حين تقول "الله"، وهكذا تكون غالبا لغة الحنين.
وصف العمل الأدبي في غلاف الكتاب ليس بدقيق ، حيث تم وصفه ب "رواية" وهو ليس كذلك أبدا، هو سيرة ذاتية أخذ فيها الكاتب دور الراوي.
السيرة تجعلك ترى عن قرب عادات تلك القبيلة التي تسكن إحدى قرى الجنوب ، تراها بعيني طفل و وعي راشد ، ذلك الراشد لم يسمح للطفل سوى أن ينقل كل ماهو جميل ، أو على الأقل يضفي جمالا على الحدث ولو كان عاديا أو غريباً!
هذه السيرة ليست مجرد احتفاء بالمكان أو وصف للعادات فحسب ، إنما هي احتفاء بالمرأة، التي تجد فيها القوة .. الأنفة .. الإباء مثل الرجل و أكثر.
السيرة مغرقة بالتمجيد ، التمجيد لكل مايخص القرية .. الأهل .. الماضي ، ربما هذا التمجيد مبعثه الحنين الذي تسبب به البعد، بعد الكاتب عن دياره و أهله، و في البعد يبدو كل شيء جميلاً ، حتى التراب الذي كان يمشي عليه كل يوم باتت له قيمة غالية جدا ، ربما لم يشعر بها حينما كان هناك.
كان حزام حاضرا في السيرة ، ورغم وجوده الدائم لم أشعر حقاً بثقله، السيرة تدور حول الراوي .. حياته ، مشاعره ، علاقته بأهله و القرية ، و حزام كان جزءا من ذلك ، تأثيره لم يفُق تأثير والدة الكاتب فلِمَ سُمِّيَت السيرة باسمه؟
أخيرا .. هذه السيرة جميلة ، مفعمة بالحياة التي ترقص على أنغام المحبة ، ألم يقل " كُنّا نغني لترقص الحياة"؟
خارج النص:
كُتِب على غلاف الكتاب "أول كاتب من الجزيرة العربية يكتب عملا إبداعيا باللغة الفرنسية" هذه المعلومة ليست دقيقة حيث سبقه حبيب عبدالرب سروري بسنتين في روايته "الملكة المغدورة" والتي كتبها باللغة الفرنسية و نُشِرت عام ١٩٩٨م
-
أمل لذيذ
رواية (الحزام) للكاتب أحمد أبو دهمان،فيها نسمع صوت كاتبنا كثيراً وكأنه يحكي حكايته بصوت بطل الرواية،هذا البطل الذي يحمل أيضا إسم الكاتب،وعندما عرف عنه في المقدمة كان كمن يعرف عن نفسه وبمسحة سخرية ضاحكة وكذلك فخر لا يخفى إقتحمها وإنتصفها،لا توجد أية هوادة في المقدمة فهي تعلن عن بدء قصة فيها من الحقيقة الكثير،قرر بطلها أن يقولها كما عاشها دون أن يجعل الكلمات تكذب ما حدث معه إذا نمق في الوصف ،وأحينا نشعر بأنه أراد لنا أن ننصت ليس لحكاية قديمة تخصه وحده وإنما حكاية تركت أثرا لا يمحى عليه وعلى قريته ،إنها حكاية فيها خصوصية جذابة كما يدل عليها عنوانها وهو(الحزام) ،ففيها موروث قبلي وتحديدا لأهل الجنوب في شبه الجزيرة العربية في لباس الرجل وهو رمز عزة وإكتمال رجولتهم في ذلك الوقت،وتترامى صفحات الرواية لنعرف بأن هناك حزاماً آخر وله دور محور فيها،وهو قريب بطل القصة الذي تعلق قلبه بحزام قريبه وبالحصول على الحزام ليرتديه مبرهنا على نضجه ،فالعنوان والمقدمة مؤشران على ما سنصغي إليه لاحقا....
فيما يخص موضوع الرواية،فموضوعها هو حكاية طفل جنوبي عاش في قريته التي يعتز بها وبتراثها وبعاداتها وبتقاليدها،وكان يعيش في كنف والديه وكل منهما مر بتجربة الزواج والطلاق،وشرح لنا بأسلوبه العفوي بأن هذا الأمر كان يعد عاديا في مجتمعه حتى أن علاقة القرابة في عائلته قد تبدو متشابكة لدى البعض نظرا لكثرة الزواج والطلاق وتعدد الزوجات ،ولا يعطل صغيرنا نفسه في الوصف وفي سرده لقصته،فهو يروي لنا كيف إرتبط والده بوالدته وتسميته الطريفة لإخوانه وأخواته بسبب كونهم غير أشقاء و للتمييز بينهم،ويخبرنا عن والده ودوره في حياته وكيف أنه كان يهتم به وبإخوته ويكن لوالدته معزة خاصة ،ويحدثنا عن والدته وخوفها عليه وإنقاذها له من الأزمات و عن تدينها و عن حفظها للأهازيج الشعبية و عن شغفها بالإستماع إليه و مناقشته،ويكلمنا عن إلتحاقه بالمدرسة مع إخوته وحرص والده على أن يوفر له البدلة التي طلبها بالرغم من صعوبة المعيشة آنذاك،ويصف لنا وجهة نظر قريبه حزام في محاولات الحداثة بالرغم من تشبثه بأن يكمل إبنه تعليمه،إنه حزام المعارض دوما للتغريب والمتمسك بالقيم والمبادئ التي تربى عليها والساعي لإنتقاد أي ملامح تغيير تكاد أن تقع في القرية،ويعارضها بضراوة في حالة وقوعها،فهو معادي لمدير المدرسة مع إنه ينتمي للقرية نفسها لإنه أنشأ المدرسة ولأنه أراد أن يعلم بناته فيها مع أولاد القرية،وحزام لايقبل هذه الأفكار الغريبة عليه لدرجة أنه يظهر كمن هو في خصام مع حقوق المرأة،وبطل قصتنا تتنقل أحاديثه البوحية بين أمه بحنانها وصبرها و تفهمها و بين حزام بحكمته العجيبة وتهكمه المستمر،وبعد ذلك راح طفلنا يبوح لنا أيضا فهو روى لنا عن تفوقه الدراسي المستمر و عن فخر والده بذلك ، وعن حبه الأول(قوس قزح) الذي أسر به لأمه،وحتى هذه اللحظات يبدو لنا الوصف مفعما بالطيبة و البساطة...
بعد المرحلة الأولى سننصت لإعترافات مهجة طفل لم يعرف الصابون وإشتهى أن يفوزبمسابقة المدرسة للنظافة،وأوضح لنا جهوده وكيف أنه لم يتمكن من الفوز،هو أيضا أخذنا في جولة مختلفة،فنحن عرفناه طفلا صغيرا ولكنه كا يترقب حدثا مهما في حياته ،وهذا الحدث الذي كانت تحتفي به قريته وبالطبع أهله كان ختانه،فكان هناك عمر معين للختان في قريته وطقوس محددة أدرجها لنا كاملة بما فيها من تعابير فرح وأيضا تعابير ألم،هو الآن صار يرتدي الحزام وقريبا سيتغير تعامل نساء وفتيات قريته معه،ومع كل ذلك ظل هائما بحبيبته قوس قزح،هو بكى ألم الختان و إن تاقت روحه للتحرر والنضج،وكعادة والده الداعم له دوما قام بإرساله للمدينة مع مجموعة من أبناء القرية ومن ضمنهم إبن حزام ليكمل تعليمه،ومروا أثناء مرحلة الحصول على وثيقة الميلاد التي لم يكن يملكها الأبناء بمواقف فيها مفارقات وحسرات و فرحات،وفي المدينة تعرض الأبناء لإختبارات في الحياة بالإضافة إلى الإختبارات التي خضعوا لها في التعليم،وعانوا من شح المال وحاولوا ألا يطلبوه من أحد،وعندما فعلوا قاموا بالأمر بطريقتهم التي فيها ذرات وفيرة من طفولة عاشوها في القرية،هم ناضلوا كلاً بطريقته،وفي تلك التجربة أيضا ذاق الأبناء طعم الأرز وأطياب أخرى لم يعرفوها وفي البداية إستغربوها،وسمعوا أيضا عن إبن قريتهم الذي تم إبتعاثه للدراسة فعاد لهم بقالب غربي أثار حنق حزام،وفي أوج الضائقة المالية أصابت أزمة صحية كبيرة والد بطلنا وأمه عانت كثيرا ووصل بها الحال لعزف ألحان كلامية حزينة كنوح الحمام،وهذا الحزن صدم بطلنا ،فهو لم يعهده من أمه ،فهي لطالما كانت صاحبة الكلمات الباسمة،وهنا بكى مرة أخرى ،فوالده صحته وفقدت أمه ولعها بالحياة و وهو بدوره فقد محبوبته قوس قزح،وهو كعادته رمى بأحزانه فوق كتف حزام و طلب منه المعونة المادية التي أمده بها بصعوبة جمة،وعاد بعض الفرح لبيت البطل مع مرور الأيام ليصبح مغتربا في فرنسا يعرض ألم قدميه على طبيب لم يعرف قرية البطل ولا طرقها ولا حكاياتها!
وفي مكالمة هامة أخبر بطلنا حزام الذي إرتخى جسده على سرير في المستشفى بأنه خط كتابا باللغة الفرنسية عن حكاياتهم ولكن حزام فارق الحياة ولم يقرأ الكتاب وأوكل مهمة القراءة لأحفاده وأوصى بخنجره وحزامه لبطلنا،فالبطل أراد أن يوصل في كتابه لهجته و صوت قريته و لحظات دهشته و بساطة حياة إفتقدها و مساحات أراضي لعب فيها وهو حافي القدمين،و أول مرة إلتقى فيها بقوس قزح ،و درجاته المرتفعة في المدرسة،واالحزام الي كان بحوزة والده وأيضا خنجره الذي إعتز بها كثيرا،ونظرة أهل قريته للمرأة،وأشعار أمه،وإحتفاء والد بالرقص،و وجع الختان الذي أحس به،ومعرفته بقيمة الأسرار ومصدرها!
رواية(الحزام) للكاتب أحمد أبو دهمان،فيها طفل يلهث و لا تأخذ كلماته أنفاسها ،وهي لا تتنكر و لا تنكر ما عرفته وما مرت به!
-
saad_al_maghram
عودة الى #الروايات اقدم هنا #فكرة عن #آخر_ما_قرأت وهي #رواية #الحزام للاستاذ #احمد_ابو_دهمان . هذه #الرواية احدثت ضجيجاً حين نشرها و#الكاتب حيث اختار طريقاً غير مألوف فنشرها اولاً باللغة #الفرنسية وبعد ان حدث المطلوب نشرها باللغة #العربية وكإنطباع شخصي فإنها من أمتع ما #قرأت تعد هذه الرواية مخزن ذاكره وانعكاس لحياة كثير من شباب #القرى في #الجنوب . شخصيا كنت أقرأها وتتداخل الاحداث والصور والاماكن بين ما يرويها وما عشته وما اتذكره . ان فيها جزءا من طفولتي وجزءا اكبر من حياة اخواننا الاكبر منا سناً . عشت معه بعض المشاهد كأنه انا : مشهد قسمة اللحم ورفع القسم للعائلة في البيت ، ومشهد سقوط الخفاش وما قامت به امه من اجله ، ومشهد مراسم الزواجات وحماية الزرع من الطير . انصح بقراءته خاصة لمن عاش في #قرية_جنوبية لأنه سيكون اكثر متعه واكثر فهما لما يدور من احداث ، هو توثيق لذاكرة المكان والاشخاص والعادات في سرد ممتع #قرأت_مؤخراً #عالم_الكتب #الثقافة #فكرة_عن_كتاب #ماذا_تقرأ
-
Haifa-Shelby.
وتمّت!
تنهيـدة طويلة تطلع منك بعد ما تخلص هذا الكتاب. الكتاب إللي لما تفتح أول صفحة فيه ما تخليه لين تنتهي منه.
أستغرقت تقريباً ثلاث ساعات ونصف بقرائته.
طوال هذه الثلاث ساعات كُنت في عالماً آخر، في الجنوب!
حيث الأمطار والحقول الخضراء والأغاني :""
هذا الكتاب -أغنيـة-
و “كيف لا نتورط بالجنوّب بعد الحِـزام؟”
هذا الكتاب لأعادة-القراءة.
-
Raeda Niroukh
الحزام
ذاكرة من مطر
" في باريس احتميت بقريتي أحملها كنار لا تنطفئ، كتبت الحزام لألقي السلام بالصوت الذي يمكن أن يسمعوه، إذعرفت بعد سنوات عديدة أن الشعوب القارئة لا تسمع إلا الصوت المكتوب "
حين يتحول حب القرية إلى أهزوجة عشق، و يعزف الحنين أشواقه عبر كلمات تنفذ إلى أعماق الروح المستترة بدثار الوله،عندها تمسي الذاكرة وعاء يحفظ تراث الأرض و رائحتها،يستقي من مطر السماء مداده، و يعيد نسج حكايتها لتحفظها الأجيال القادمة فأمة بلا ذاكرة هي أمة ميتة لا مستقبل لها.
من ذكريات طفولته، ينسج الكاتب أحمد أبو دهمان خيوط رواياته،في قرية آل خلف في سراة عبيدة في جبال عسير ،هناك حيث تعانق الشمس قمم الجبال،و يصعد المطر إلى السماء، "حيث يولد الأطفال و هم مبللون بالغناء" يخط حكايته باللغة الفرنسية و ينشرها في باريس ، و يحتفي بها المجتمع الفرنسي و تدرس في عدد من المدارس و الجامعات الفرنسية، بعد أن أمضي في فرنسا أكثر من ثلاثين عاما، لم تزده إلا ولهاً و هياما بقريته العسيرية، فكانت روايته ( الحزام) معزوفة عشق يحتمي بها من ضياع هويته و انصهارها في بوتقة الإغتراب، و يؤكد فيها على أصالة ذاتيته و تراثه،فكما لباريس تاريخها المجيد فإن قريته أيضاً لا تقل عنها عراقة و مجداً، فهو يحمل آثار تشققات آلاف السنين في أقدامه،هذا الموقف يعكس اعتزازا راسخا بالهوية ، فأن تكون فردا يعني أن ( لا تشبه غيرك) كما يقول زيجمونت باومان ،ففي زمن العولمة تلاشت الخصوصية الثقافية و الروح الفردية لكثير من الشعوب،و باتت نسخاً كربونية متشابهة في ملبسها و مأكلها بل و حتى في ذاكرتها!
هذا الخطر الذي يهدد الهوية ،يقف منه البعض موقفا مستسلما، ويتماهى بشكل مطلق مع ثقافة الآخر و يفقد كل سماته الخاصة بشعبه و أرضه خوفاً من أن يرفضه المجتمع الخارجي و يصل الأمر بالبعض إلى التنكر لهويته و أصله؛ فيغير لغته، و لهجته، بل و حتى ذائقته الفنية ليثبت للآخرين بأنه أصبح جزءاً من نسيجهم الإجتماعي خاصة عندما يهاجر إلى مجتمع مختلف في ثقافته عنه،بينما يتقوقع البعض في شرنقة الذات و يرفض الآخر رفضا مطلقا، تقوده نرجسية زائفة بتفوقه الحضاري الموهوم عمن حوله، و في حقيقة الأمر يدفعه خوف خفي على ضياع هويته للتصرف بعدوانية، بينما يقف البعض موقفاً واعياً من الانفتاح على ثقافة الآخر و تقبل ما يناسبه من أفكار و سلوكيات مع الحفاظ على هويته بل و حتى التعريف بها و الكتابة عنها باللغة التي يفهمها مجتمعه الجديد ،و هذا تماما ما فعله أحمد أبو دهمان حين كتب رواية ( الحزام) باللغة الفرنسية، ووثق فيها لذكرياته في قريته، تكمن أهمية روايته تلك ، في أنها تعد وعاء للذاكرة الجمعية. و شريطا توثيقيا لحقبة زمنية يخاف أن يطالها النسيان .
لا يمكننا أن نتحدث بموضوعية حين يتعلق الأمر بالإفصاح عن المشاعر فهي موطن لكل ما هو طبيعي و خاص ولا يمكن أن نشاركها مع الآخرين على أكمل وجه، و مع ذاك فقد حاول أبو دهمان أن يشارك القارئ بعضا من ذكريات طفولته في قريته، التي منحها بعدا أسطورياً، فكما يقول الفيلسوف الفرنسي غاستون باشلار :( إن البيوت التي فقدناها إلى الأبد ، تظل حية في داخلنا و هي تُلِّح علينا لانها تعاود الحياة و كأنها تتوقع منا أن نمنحها تكملة لما ينقصها من حياة ) .
أننا لا نتذكر الأماكن و ذكرياتنا كما كانت بصورة مجردة ، بل نضفي عليها لونا شخصيا خاصا حين نتذكرها، و أحيانا كثيرا نعيد تشكيل ذاكرتنا لتحمل معنى شاعرياً يغذي الحنين إلى موطن طفولتنا ،هنا يمسي الحديث عن المكان حديثا مكثفا عن الزمن أيضا ، فالمكان يختزل الزمن. من هذا المنطلق يمكننا تفهم تلك النزعة الشعرية التي طغت في رواية الحزام ،يصف الكاتب قريته قائلا : ( هكذا بنى أجدادنا القرية: كل حجر، كل بئر، كل قصيدة، كل ورقة، و كل خطوة تحمل أنفاسهم و عشقهم، آمالهم و شقاءهم، انكساراتهم و انتصاراتهم، أولئك الذين كانوا كلّ صباح يشيدون قريتهم و كأن ليس أمامهم إلا نهار واحد لتخليدها )
تلك القرية التي يمتد تاريخها الى أكثر من ٥٠٠ عام، بحقولها التي تلامس قبة السماء، و نظامها المعماري المميز ببيوتها ذات الأدوار المتعددة المتلاصقة،ويعد وصف الكاتب لها بمثابة توثيق لذلك النسق المعماري ، يقول : ( القرية كانت كإنسان واحد .حتى البيوت المتداخلة على هيئة أبناء العم، لكل بيت مدخلان ، أحدهما على الأرض و الآخر على السطح،بحيث كان في إمكاننا أن ندخل كل بيوت القرية من سطوحها ) الهندسة المعمارية جاءت متناسقة مع نظام القرية الإجتماعي المتشابك ،تعبر عن روح التآلف و التعاضد بين سكانها،فالفرد فيها يمثل المجموع و تقع على عاتقه المحافظة على شرفه و عزته لأنه شرف للقرية أجمع و أي أذى يطال أي فرد من سكانها فكأنه يطالهم جميعا،و لهم أن يفاخروا بنجاح أي من أبناء قبيلتهم و كأنه نجاحهم الشخصي، هنا تذوب الأنا في روح الجماعة و تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية جراء هذا الإنتماء القبلي،و يتعلم كل فرد أن يحفظ نسبه ( من يحفظ نسبه يرفع صوته) كما يقول الكاتب، هذا الحفظ يتجاوز مرحلة تعداد أسماء الأجداد إلى المضي قدما على نهجهم في الشجاعة والعزة، والقرية في هذه الرواية مازالت تردد أمجاد انتصارات أجدادهم على العثمانيين.و تتصدر الذاكرة الشفهية في الشعر و الغناء لتحفظ تاريخ القرية،فقصائد ( القاف) التي ينشدها الفتية تلهج بتمجيد نسبهم و أمجادهم.
كما للمرأة حضور بارز في رواية ( الحزام) فالأم قصيدة أبدية فهي شاعرة الجبل تنبض بالحكمة يصفها الكاتب :( كان لديّ يقين عميق بأن النجوم ليست إلا كلمات، و ما على أمي إلا قطفها و صياغتها أغنيات ) ،والأخت يصفها بأنها ذاكرته و حين عاتبت الأم ابنها على ضربه أخته قالت له : ( أختك أغنية. قل لي كيف يمكن لأحد أن يضرب أغنية ؟ ) و الحبيبة في قريته هي قوس قزح، بكل ما تحمله الدلالة اللونية من انبعاث للحيوية بطيفها اللوني المتعدد، و برمزية الخير و الخصب ،فقوس قزح لا يأتي إلا بعد المطر .
هذه الصورة المشرقة النابضة بالحياة و التقدير و الاحتفاء بالمرأة، عبرت عنها العديد من الحكايا و الأساطير الشعبية التي أوردها أبو دهمان في روايته،كما في أسطورة تحول الفتيات إلى قوس قزح و أسطورة الشمس و القمر عندما تحابا و فيها الشمس تمثل المرأة و الرجل يمثل القمر ، هذه القصص الشعبية تعكس إرثاً حضريا زاخراً بالخيال و متفاعلا مع الطبيعة من حوله.
أما عن حزام الذي سُميت الرواية باسمه ،فقد كانت أكبر مخاوفه أن يهجر الشباب القرية و تفقد بذلك ذاكرتها،لقد كرّس حياته كلها لتغذية ذاكرة الفتية بقصص القرية و روحها، كان يعدّ العدة ليتقلد الجيل القادم حمل أعباء الذاكرة،قد تبدو شخصيته ذات أبعاد أسطورية تجمع المتناقضات بين ثناياها،بين انتقاصه من شأن الحب و المرأة و عشقه للعمل و الحقل و احتفائه بالرجل، كان يرى أن " الرجل سكين،كله سكين : نظراته، أفعاله، أقواله، وحتى نومه يجب أن يكون حادا كالسكين. سكين الرجل هي قلبه و عقله، حياته و موته، في حين لا يمكن أن نلوم المرأة على شئ"
هذه الشخصية التي استشعرت التوجس و الريبة عندما زحفت مظاهر الحضارة المدنية لتصل إلى القرية، كان يتخوف أن تبدل المدرسة نظام القرية التربوي،ومع كرهه الشديد لها إلا أنه قد أرسل ابنه إليها، مدركاً أن العلم هو حقل أبناء القرية الجديد الذي عليهم أن يحسنوا زراعته و رعايته،تلك الشخصية هي التي حمّلت الكاتب مسؤولية صون ذاكرة القرية، فاستحقت أن تحمل الرواية اسمه.
تتعدد الدلالات الرمزية لمسمى الحزام الذي أختاره الكاتب لروايته،الحزام هاهنا " يكشف عن شاعرية النساء و كبرياء الرجال و زهوهم" و ليعبر عن الخط الفاصل بين انمحاء الذات واندثارها و بين زينتها حين تتقلدها طوق الذاكرة،الحزام في العرف القبلي يحمل سكين الرجل و يمثل شرفه و كأنه هنا يقابل حمل ذاكرة القرية التي يمثل ضياعها ضياع وجوده، و يبقى الحزام ينتظر من يحسن حمله بأمانة إلى الأجيال القادمة.
رائدة نيروخ
-
شروق _ RISE
برغم تمللي من بداية الرواية إلا إني قررت أن أتممها مهما كانت ..!
ثم بعد بضع صفحات تمالكني الفضول واستحوذني حتى أتممتها برغبتي وليس لمجرد قرار.
,
أحببت القرب الحميمي بالقرية الذي تُرجم على مسميات الأمهات والأباء كـ "أمي شريفة" وتقاسمهم المعيشة فيما بينهم.
أحببت إحساسهم العميق تجاه بعضهم وتجاه مايؤمنون به -رغم إني لاأتفق مع كثير من قناعاتهم ولربما اختلافي مع معتقدات حزام-!
لا أعلم لما حزنت على حرقهم لمطبوعاتهم ووثائقهم, شعرت أنها جزء منهم ع الأقل يحق لهم الإحتفاظ به.
لم أشعر قط بإحساس شخص عاش بالقرى بل عاشت القرى بهِ , حين انتقاله للمدن وتكييفيه بأبسط أمور المعيشة فيها.!
كثر ذكر الختان والأغاني بالرواية -يبدو أنها كانت شي عظيم جدا لديهم-!!
هناك مقولة بالرواية - تخص ضحك الله عند التقاء المرأة والثعبان- لاأعلم لها مصدراً لصحتها ويفترض أن تتوقف هذه المقولة على ورود النص الشرعي عليها"والله أعلم"
-الحزام رواية -غريبة- رغم واقعيتها واحساسي انها قصة حقيقة وليست من نسج الخيال..!
صوّرت جوانب للحياة مختلفة جدا عما اعتدناه وقرأنا عنه, ربما.
الرواية جيدة بشكل لاأعرف من أين أصفه , ربما لأني قرأت الكثير عن حياة أجهلها من كل نواحيها
كل شي كان جديدا عليّ, حياة القرى وتقاليدهم ومواجهتهم للتغيير ونظرتهم لمن حولهم, كلها قبل هذه الصفحات لم يكن لي علم بها.!
- من هنا علمت أن لي جانب اهتمام بمعرفة التقاليد والعادات المختلفة ومناطقها, واتمنى أن اقراء كتابا كهذا مرة أخرى .
-
نوف محمد
أراد أبو دهمان أن يسطر هنا هويته ويفخر بها .. وإن نشرها بالبداية بالفرنسية.. ثم جاءتنا بحلتها العربية الجميلة..
عن القرية والعائلة والعادات والتقاليد التي غالباً كان الناس يعترفون ويتشبثون بهم أكثر من الدين.. عن الأساطير التي لا أدري كيف تنشأ من الأساس ليصدقها ويتداولها الناس، وتكون المحرك الأساسي لحياتهم..
عن الأشخاص الذين كان لهم الأثر الأكبر في حياته..
استطاع بلغته العذبة ايصال صورة بانورامية عن ذلك العالم الحالم بجباله وحقوله وآلامه إلى القارىء..
كان يعيش حياة ساكنة شبيهه بكل أفراد القرية حتى دخل المدرسة التي فتحت عيونة وشكّلت آفاقه من جديد وكانت بالنسبة له عالماً آخر، لا مثيل له..
"في المدرسة، في هذا الحقل الجديد، اكتشفت ما كانت القبيلة تحاول إلغاءه فيّ: (حقيقتي)"
لم أفهم لماذا لم توجد أسماء هنا بل رموز.. حتى وصلت للنهاية لأكتشف بأنها ليست روايةً أبداً وإن كتبت بذات الأسلوب.. إنما سيرة أبو دهمان في تلك القرية التي أحبها وحنّ إليها وإن عاش بقية حياته في باريس.. فلم يخرج منها ولم تخرج منه ولا أظنها تفعل.. انتهى الكتاب ولم يخبرنا بذلك السر الذي لا يتكلم به إلا لصورة والده..
-
أسماء الأحمدي
رواية جيدة إلى حد ما ..
قبل ما أقرأها بفترة قرأت رأي لأحدهم يقول بإنها أفضل رواية عربية قرأها وهو الذي لا يقرأ إلا لأجاثا كريستي و دان براون ..
تحمست لذلك وأرتفعت التوقعات لدي ، حاولت عند إذ قراءتها ولكن شعرت بملل بسيط أرجعت السبب لضغوط الإختبارات وتركتها لأشهر إلى أن رأيت قبل أسبوع من يمتدحها بشدة فقلت حان وقتها ..
قرأتها بتوقعات عالية جدا جدا بكل أسف أقولها ، المبالغة بالمدح يجعلنا نرفع سقف التوقعات فنجد في نهاية الأمر الممتاز جيد ..
بشكل عام رواية خفيفة بسيطة تحكي عن حياة جنوب السعودية بشكل جميل وبسيط ، صفحاتُها تقارب ال160 تقريبا ستأخذ منك سويعات ستذكر بعدها كاتبها بكل خير ..
أحببت فيها المراهق الرجل .. وهو في سن المتوسط تشك حينها أن رجل يتكلم ..
أثارت في داخلي سؤال بسيط : الأب هو المريض والزوجة تحاول إقناع زوجها للزواج عليها ؟
-
بلبل حيران
أول مرة اقرأ ( رواية ) ولا أضحك ولا أبكي.
الرواية شي والحزام شيء آخر. لا من حيث الجمالية جمالية الفن والأدب ولكن من حيث الفكرة.ايضا
اما من الناحية الموضوعية صفحة رقم 57 السطر الرابع من أخر الصفحة :العبارة المقوسة تبدو مختصر حكاية البطل من البدء حتى النهاية.عبارات متنوعه جديره بالتوقف على شاكله (الثور هو الحياة والخنجر للتزين) تعبق بروح الحياة القروية
(الخروف أهم من الكاتب)
الحزام بشكل عام تقرير مفهم بصلابة التحجر حيث تتكرر مفردات الحجر والصخر في العمل والبيئة الواقعية والمؤثر على كتابة العمل، بينما تتنقل الحياة وتجري الرياح وتتطور وتتغير المكانات والازمنة ويبقى الحجر ثابتا لا يتزعزع فاقدا روحه وحياته الجامدة ك ثبات الجثث وموت الحياة .
-
🌸
فيها سلاسة في سرد الاحداث وتناغم الكلمات كأنها اغنيه او طقطوقة خفيفة ـ ولكن لاشيء آخرـ بمعنى لايوجد مغزى ولا هدف ولا مفاجأة في الآخر ولا في الاول ـ الكثير من الاستطراد والاعادة للختان والاغنية والاغاني والاغنيات ـ غلاف القصة واسمها والصبي ونظراته والاكليل على رأسه اضاف الكثير وشجعني على قراءتها well done
-
خالد الشويكان
سيرة كُتبت باسلوب سهل اتاح للقاريء التعرّف على خصائص مجتمع قرية في جنوب السعودية
النص كُتب بأسلوب الحكاية وكان الذي يحكي هو شاب يافع ونجح أبو دهمان في نقل الصورة من رؤية ذلك الشاب
-
Rokaya asiri
نشأة الطفل احمد في قرية تعيش وتتاثر بالعولمة ...